انبرت الجماعة الحقوقية فى الدفاع عن المحامية ياسمين حسام الدين بعد أن اتضح أنها محامية المجرم الإرهابى محمود شفيق محمد مصطفى الذى فجر نفسه فى الكنيسة البطرسية، وبحسب روايتها هى نفسها سواء التصريحات الصحفية أو على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى أشارت إلى أنها بالفعل قد دافعت عن هذا الإرهابى الذى ألقى القبض عليه فى إحدى تظاهرات جماعة الإخوان الإرهابية بمحافظة الفيوم استنادًا إلى أنه قد تصادف مروره بإحدى المظاهرات لدى عودته من الدرس ولم يكن من المشاركين بتلك التظاهرات، وعلى الرغم من قيام الإرهابى بتفجير نفسه فى الكنيسة، وثبوت انتسابه للفكر المتطرف وجماعات الإرهاب، نفت المحامية سابقة أن موكلها قد تورط فى حمل السلاح والتخريب، وهى الجناية التى اجتهدت فى تبرئته منها، بعد أن وجهت له النيابة تهمة الانتماء لجماعة محظورة والتى حكم عليه فيها بعامين، وكان المتهم قد فر قبل تنفيذ الحكم عليه.
خرج الإرهابى حرًا طليقًا بعد أن أصدرت تلك الجماعات الحقوقية بيانات الشجب والإدانة اعتراضًا على القبض على شاب فى عمر الـ18 أو الـ17 وقتها، ورفعت شعارات الحرية دون أن يعرف أحد من هو المتهم حقًا أو أن تتحرى المحامية التى تولت الدفاع عنه حقيقة براءته من التهم المنسوبة له، فقرر الإرهابى أن يدلى بدلوه للجماعة الحقوقية بنفسه عن ماهية الفعل الإجرامى السابق ارتكابه له وما يمكن أن يفعله ذلك الحدث صغير السن، ولا شك أن هذه المرحلة العمرية هى الأسهل فى الاستعطاف والتضليل والتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية.
إننا هنا نتحدث عن قرى كاملة سيطر عليها للأسف الفكر المتطرف فى بعض المدن المعروفة بأنها تضم أكبر كتل من تنظيمات الإخوان والجهاديين، وتجاهلت الجماعة الحقوقية أن هناك العديد من الثغرات القانونية التى يمكن من خلال توافر إحدها إطلاق سراح أى متهم.
إن التساؤل المفترض الآن الإجابة عليه بكل وضوح يرتبط بماهية دور المؤسسة الحقوقية التى ادعت وزعمت أن هذا التصرف الإرهابى قد نتج عن تعرض الإرهابى للعنف، فمن بديهيات العمل الحقوقى أن المؤسسات التى تقدم الدعم القانونى لابد أن تقرن هذا الدعم بدعم نفسى وإعادة تأهيل لمن ترى أنهم ضحايا للعنف خاصة إذا ما كانت أعمارهم صغيرة، وإلا صار ما تقدمه هذه المؤسسات مجرد تضامن مجانى مع مجرمى المستقبل كما حدث مع إرهابى الكنيسة البطرسية، أو مجرد بطولات زائفة.
أما منطق من يستندون إلى أن ما تمت ممارسته يأتى فى إطار دور النشطاء وأن هذا جزء أصيل من حرية ممارسة مهنة المحاماة على اعتبار أن كل متهم من حقه أن يجد لنفسه محاميًا، وعلى الرغم من صحة النص الدستورى والقاعدة القانونية. إلا أنه مجرد تأويل فى ظاهره الرحمة وفى باطنه العذاب، ولا أدرى ما هذا الكم من التناقض والريبة فى التصرفات التى تنتهجها الجماعة الحقوقية فى إطار إلباس الباطل ثوب الحق، ودعونا نتساءل هل كل متهم من حقه حملة تضامن حقوقى تبتز المجتمع بأكمله وتطالب النيابة بتخفيف التهم المنسوبة إليه، هل كل محامى يدافع عن متهم (سواء أجرم أم لا) من حقه الحصول على تمويل ودعم لقاء دوره فى الدفاع عن هذا المتهم بدعوى الدفاع عن الحرية، ما هو الفارق الجوهرى بين الدفاع عن تجار المخدرات والقتلة وبين الدفع عن من يهددون ويروعون المجتمع بأثره بل ويقتلون أبناء الوطن بغرض نشر الفوضى.
إن هذه القضية قد كشفت عن عوار كبير يعترى عمل منظمات المجتمع المدنى فى جمهورية مصر العربية، ومن تصنع منهم تلك المنظمات أيقونات تحملهم على الأكتاف كأبطال زائفة يهتف بأساميهم ولا يستطيع أحد المزايدة عليهم أو الاقتراب منهم.