دون أن أشعر، نزلت الدموع من عينى وأنا أقرأ تصريحا تلقائيا لوزيرة الهجرة ضمن كلمتها فى مؤتمر «يد واحدة.. وطن واحد» بجامعة عين شمس، وشعرت أن بلدنا فعلا محمى ومصان من كل ما يراد لها من شرور، وأن المصريين قادرون بالفطرة على احتضان بلدهم وحمايته فى الأزمات والمحن، حتى لو ظن واهم أو حاقد أن البلد انهار أو فى طريقه للسقوط.
وزيرة الهجرة نادية مكرم حكت كيف وجدت سيدة مسلمة ومحجبة تحمى الكنيسة فى نص الليل أثناء الصلاة، تقول: «أنا بحرص أصلى مع أسرتى فى الكنيسة ولما بقيت وزيرة بقيت أتخفى عشان محدش يعرفنى، وفى رأس السنة سمعت واحدة بتزعق وبتحذر إنى متفتشتش زى بقية المترددين على الكنيسة، ولما رحتلها لقيتها ست محجبة وواقفة بتحمى الكنيسة فى نص الليل عشان نصلى بأمان».
هل يمكن أن نشعر بعد ذلك بالخطر من دعاة الفتنة الطائفية؟ هل يمكن بعد ذلك أن نخشى طيور الظلام والإرهابيين التابعين للإخوان وغيرها من جماعات القتل والتطرف؟ هل يمكن أن نتصور بعد الآن أن الجيش والشرطة فقط هم من يحمون الشعب المصرى؟
الحقيقة أن ملايين المصريين البسطاء واعون بما يراد لهم من فخاخ ومؤامرات لشق صفوفهم وزرع الفتنة فى نسيجهم المجتمعى وتأليبهم على بعضهم البعض، وحرفهم عن مسار النهوض الاقتصادى والتنمية بمعارك الفوضى والكراهية وقشور الفتاوى الشاذة، وكلها محاولات تتحطم على الصخرة الصلبة للمصريين المؤمنين الصابرين الفقراء نعم ولكن غير المهانين وغير المهادنين لكل عاد أثيم.
ملايين المصريين البسطاء يستطيعون الوقوف فى وجوه المتطرفين والطغاة والإرهابيين، كما يستطيعون كسرهم ودحرهم وتفويت الفرصة عليهم بعدم الاستجابة إلى هدفهم النهائى، فماذا يريد هؤلاء المتطرفون الإرهابيون؟ منهم المخدوعون الذين تعرضوا لغسيل الأدمغة فصاروا يكفرون المجتمع ويعتدون على أفراده ومؤسساته، وهؤلاء أقل عددا وأضعف بكثير من مجموع المصريين وهم حتما إلى زوال خلال سنوات قليلة مثلهم مثل جماعة التكفير والهجرة فى سبعينيات القرن الماضى، ومنهم من ينفذون تعليمات جهات خارجية تسعى إلى إثارة الفوضى وتأليب المصريين بتفجيرات وعمليات انتحارية ضد الكنائس والمصالح العامة والممتلكات الخاصة، حتى ينتفض المصريون ويرفعوا السلاح ضد بعضهم بعضا كما حدث فى دول عربية أخرى، وهؤلاء واهمون ومصيرهم الموت أو السجن أو الفرار من البلد.
وتحيا مصر