الأوبرا هى حائط الصد الأخير، الذى نعتمد عليه فى بعث الروح التى تليق بنا، وتضع مصر ثقافيًا فى المكانة التى تستحقها، خاصة أن برامجها متعددة، تناسب الجميع، وعلى رأسهم الأطفال، لذا لدينا شىء نقوله للدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، التى نعرف دورها واهتمامها وسعيها لنشر الفنون فى مصر، فى مركز تنمية المواهب فى دار الأوبرا، والتى تهتم بأطفال مصر الراغبين فى تعلم فنون الباليه، الرسم، الكلاكيت، الفلوت، العود، البيانو، الجيتار، القانون، الدرامز، الكمان، الغناء، تمت زيادة الاشتراك بنسبة تصل لـ%50 فأصبح الطفل الذى كان يدفع 400 جنيه لتعلم الباليه يدفع 600 جنيه.
ربما يرى البعض أن هذا الأمر بسيطًا، لكنه فى الحقيقة خطير جدًا، أولًا لأن المركز هيئة غير قابلة للربح، ثانيًا لأن معظم الأطفال المشاركين ينتمون إلى أسر متوسطة وزيادة 200 جنيه، فى بند، يراه الكثيرون رفاهية، حتمًا سوف يؤثر على استمرار مشاركة بعض الأطفال، لأننا بتخيل بسيط لو كانت الأم هى التى تسعى لتجعل ابنتها تتعلم فن الباليه، والأب بين الرفض والموافقة وهى تقتطع من قوت بيتها لتدفع الاشتراك، فطبيعى أن يستغل الأب مثل هذه الزيادة، ويرفض أن تستكمل الطفلة تعليمها، ونخسر نحن روحًا عظيمة كانت ستنشر أحلامها فى حياتنا.
كما أنه فى الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها المجتمع المصرى، والتى حتمًا ستدفع الكثير من الناس لتبنى أفكارًا حادة وصارمة وعملية، يجب أن تكون الثقافة هى البديل القوى الذى يخفف من التوتر الموجود فى البيوت والشوارع، وستفعل ذلك بأن تكون متاحة بقوة للجميع، سواء فى المكتبات عامة، أو الحفلات المجانية، أو فى فرص تعلم الفنون.
أثق فى أن الدكتورة إيناس عبدالدايم، تتفهم جيدًا هذا الأمر، الذى انتبه إليه عدد من أولياء الأمور، الذين يرون أن الأماكن الخاصة من حقها أن تفعل ما تشاء، وأن تضع الشروط التى تريدها، والراغبين فى التعلم من حقهم القبول أو الرفض، لكن الأوبرا التى تعد الحل الأمثل لأبنائهم وظروفهم التعليمية، ما كان لها أن تفعل ذلك.
الدكتورة إيناس تدرك جيدًا، معنا، ومع كثير من أولياء الأمور، أن العالم ساقط فى ممارسة العنف بشكل كبير، وأن 2016 كشفت الكثير من الوحشية الساكنة فى قلوب المتطرفين، كما أن انتشار التنظيمات المتطرفة فى العالم كله سجل نسبة لم تحدث من قبل، وتعرف جيدًا أن تعليم الفنون حتى ولو لطفل واحد سوف يغير من مستقبل هذا العالم.