ربما تكون هذه المرة الأولى التى نشعر فيها جميعا أن الدولة تواجه وتحارب الفساد بجد، والدليل مئات القضايا التى كشفت عنها الرقابة الإدارية خلال الشهور الماضية، وطالت الوزير قبل الخفير فى رسالة مباشرة للجميع مفادها أنه لا أحد فوق القانون، وهذا ما أعلن عنه الرئيس السيسي صراحة فى أكثر من لقاء أمام الرأى العام المصرى.
بالقطع الفساد موجود ومعشش فى كثير من أركان الدولة منذ عقود طويلة، حتى أصبح من المسلمات وتجاوز حدود الظاهرة فى عصر فساد مبارك وبعده مع الإخوان، وهنا يثور السؤال ما هو الفارق بين المرحلة السابقة والحالية؟.. بالقطع الفارق شاسع لأنه ببساطة فى السابق كان الفساد "عينى عينك"، وتتم مواجهته على استحياء دون أن تطال القضايا كبار القوم الذين عاثوا فى الأرض فسادا، أما الآن فى عصر الرئيس السيسي فإن الأمر مختلف شكلا ومضمونا بتوافر الإرادة السياسية الحقيقية فى اقتلاع جذور الفساد ودك حصونه.
وبرغم أن فاتورة مواجهة الفساد باهظة للغاية لكن الرئيس قرر المواجهة علنا، وهذا هو الفارق بين الماضى والآن، ففى عصر السيسي وجدنا الوزير يتم القبض عليه جهارا نهارا فى ميدان التحرير فى سابقة هى الأولى من نوعها، وبعدها وجدنا قضاة وضباطا ومسئولين كبارا فى قفص الاتهام بشفافية تامة ودون أى تعتيم، حتى جاءتنا الأخبار تتهاوى على جموع المصريين كالصاعقة خلال الأيام الأخيرة من 2016 ومع مطلع 2017 تكشف أن الفساد قد انتشر كفيروس خبيث فى أركان المؤسسات والهيئات والوزارات والمحافظات، متمثلا فى كمية الرشاوى المختلفة التى تلقاها مسئولون كبار استغل كل منهم منصبه ونفوذه فى تحقيق مكاسب شخصية، وبدلا من أن نفرح لهذا التوجه المحمود من القيادة السياسية شغلنا أنفسنا على السوشيال ميديا بصغائر الأمور التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، واستغلت الكتائب الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية ومعها "نحانيح" تويتر وفيس بوك إياهم لترويج الشائعات، بهدف تشتيت الناس عن القضية الأهم وهى أن الدولة تحارب الفساد بجد أكثر من أى وقت مضى.
وها هى الرقابة الإدارية تكشر عن أنيابها فى مواجهة الفاسدين بربوع المحروسة عبر رجالها المنتشرين فى سائر المحافظات، لتراقب عن كثب كل المشروعات الخدمية، وتضبط الأسواق لمنع التلاعب بقوت الشعب، وذلك بتوجيهات مباشرة من الرئيس، لكن علينا أن ندرك أن الفساد لن ينتهى بين يوم وليلة، وإذا كانت الإرادة السياسية قد توافرت قولا وفعلا لمواجهته فلا بد من توافر الإرادة الشعبية هى الأخرى بمساندة كل المواطنين الشرفاء بالإبلاغ عن أى وقائع فساد للأجهزة الرقابية، حتى يسقط المرتشون فى كل مكان.. قولوا آمين.
همسات:
- زمان زكريا عزمى أحد رموز نظام مبارك ضحك علينا بمقولته الشهيرة تحت القبة "الفساد فى المحليات وصل للركب" ثم انكشف بعد الثورة أنه أحد كبار المتهمين بالفساد.. عرفتوا بقى الفارق بين الماضى والآن!.
- إذا كانت الدولة دخلت عش دبابير كبار الفاسدين فإن الدور على دولة صغار الموظفين بالمحليات.
- بالمناسبة الفساد مش رشاوى وتربح واستغلال نفوذ فقط بل إن تعطيل مصالح الناس بالدواوين والمصالح الحكومية هو الفساد بعينه.
- وكيل مديرية التموين بالإسكندرية استولى على 11 ألف بطاقة تموينة من دم الغلابة، وبلغت قيمة الدعم المتلاعب فيه 10 ملايين جنيه، وفى الآخر وزير التموين الموقر يقول لنا إن سلوكيات المواطنين الخاطئة السبب فى أزمة السكر.. لا تعليق.
- قيادات الإرهاب وحلفاؤهم الهاربون بقطر وتركيا يعيشون فى رفاهية ويخططون لهدم الوطن.. بينما ملايين الغلابة هنا على الأرض يتحملون كل الأزمات ويدفعون الغالى والنفيس ليبقى الوطن!.
- بالمناسبة الإخوان والبرادعى وجهان لعملة واحدة كلاهما يسعى للسلطة على جثة الوطن.