تابعت الحلقة الأولى من حوار الدكتور محمد البرادعى على قناة «العربى»، كان هجومه على فترة حكم جمال عبدالناصر هى الأكثر بروزا، بالرغم من تسليمه بأنه كان زعيما للتحرر الوطنى، وتحدث عن اتفاقية كامب ديفيد التى وقعها الرئيس السادات مع إسرائيل وقال عنها إنها أخرجت مصر من العالم العربى لمدة 10 سنوات، ولم نعد مرة أخرى إلى قلب العالم العربى كما كنا، وفتحت الباب لإسرائيل كى تعربد فى المنطقة.
فى نقده لتجربة جمال عبدالناصر تحدث عما سماه بـ«تهميش المصريين» و«غياب المؤسسات»، و«انعدام الكفاءات»، غير أنه فى سرده لوجهة نظره فى هذا الجانب بدا كغيره ممن يطرحون آراءهم كمصلحين، لكنهم سرعان ما يخلعون عن أنفسهم هذه الصفة بمغالطاتهم فى ذكر الوقائع التاريخية.
تحدث الرجل عن نكسة 5 يونيو 1967 قائلا، إن المندوب الأمريكى فى الأمم المتحدة قال فى نفس اليوم الذى بدأ فيه العدوان الإسرائيلى على مصر، إنه مستعد لوقف إطلاق النار، وأن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 5 يونيو، لكننا رفضنا، لأن وزير الخارجية «محمود رياض» قال إن الأمور تمام.
كان البرادعى وقتها ضمن الطاقم الدبلوماسى المصرى فى الأمم المتحدة، مما يعنى أنه شاهد إثبات لما يقوله، غير أنه بمراجعة كل وثائق هذه المرحلة لا يظهر فيها أثر للواقعة التى يرويها، والصحيح أن هذه الوثائق كشفت أن هذه الحرب كان يعد لها بتنسيق إسرائيلى أمريكى للتخلص من جمال عبدالناصر باستسلامه أو ثورة الجماهير عليه، وقدمت أمريكا كل السلاح والعتاد اللازم لإسرائيل، للقضاء نهائيا على الرجل الذى يعد العدو الأول للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على المنطقة.
وبالتالى لم يكن هناك أى مجال لطرح أمريكى بوقف إطلاق النار والعودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل 5 يونيو، قبل أن تتحقق الأهداف الإسرائيلية الأمريكية، وانتظر موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، بجوار التليفون لتلقى مكالمة من جمال عبدالناصر لتوقيعه اتفاق سلام مع إسرائيل، بإعادة سيناء إلى مصر فورا شرط توقيع مصر سلاما منفردا معها.
قد يرى البعض أن هذا الكلام أصبح من حكايات التاريخ، غير أن تزييف الحقائق حوله يعد جريمة كبرى فى حق تاريخنا، كما أن عدم وضع هذه الحقائق فى سياقها السياسى والتاريخى الصحيح وفقا لرؤية سياسية شاملة يزيد من هذا الجرم خاصة من هؤلاء الذين يصفهم البعض بـ«المصلحين».