يرى الكثير من العلماء أن البحث فى الصفات الوراثية أمر لا داعى له، فهو يقوم على فرض أن الصفات حالات تلحق بالأشياء بعد وجودها، وقد تبين علمياً أن هذا فرض خطأ، حيث ثبت أن صفة الشىء وتركيبه أمر واحد لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر بأى شكل من الأشكال، وعلى ما تقدم لا يكون هناك مجال للبحث فى فكرة توارث صفات الكائنات الحية.
ولنضرب مثلا هنا أن البحث لا يكون فى توارث الطول أو فى توارث نقطة سوداء فى اللون الأزرق للعين فى مكان بعينه فى الأب والابن ولا توارث بروز سن بعينها فى جميع أفراد الأسرة الواحدة، كما يعتقد البعض إنما يجب أن نعد الطول أمرا يتعلق بعدد مرات انقسام خلية النمو العظيمة، وأن خلية العين التى رسب فيها اللون الأسود لم تكن سوداء حتى انقسمت الانقسامات الأخيرة فتكونت فيها مادة كيميائية سوداء، والسببية فى هذه الأحوال يجب أن ترد مباشرة فى الانقسام الخلوى وقت حدوثه، وليس صفة كائنة فى الخلية الأولى تورث حتماً، والواقع أن خواص الخلية تنشأ عن تركيبها الداخلى والعوامل الخارجية المؤثرة ومن الطبيعى عند الانقسام للخلية الأولى أن يكون التركيب الداخلى أقوى أثراً فى خواص الخليتين الجديدتين من العوامل الخارجية التى قد تكون مؤثرة فى مستقبل شكل الخلية.
ولمَّا كانت خواص الخلية الأولى التى تكون منها الأب تشابه إلى أكبر حد الخلية الأولى للابن يكون أمراً معقولاً، لكن إذا كان يدهشنا هذا التشابه فى كثير من الأحيان، فإنه من المدهش أيضاً أننا لا نجد أباً وابناً يتشابهان تشابهاً تاماً فى كل شىء بل إن التوأمين قد يختلفان فى أمور كثيرة جداً، وهذا يدل على أن عوامل كثيرة خارج الخلية تعمل أثناء الانقسام الذى يحدث ملايين المرات قبل أن يتكون الكائن الحى كله (وهذه هى قدرة المولى عز وجل فى خلق الكائنات الحية).
حيث إن تركيب الكائن الحى تحدده العوامل التركيبية الداخلية وعوامل خارجية تتعلق بزمن الانقسام وسرعته وظروف الخلايا عند الانقسام.
وعلى هذا لا تكون هناك صفات خلقية ثابتة وأخرى مكتسبة تورث أولا تورث، بل هى خلايا تنقسم وتجمع ويتوالى انقسامها، وإذا تحدث ظروف خلايا بعينها فى الأب أو الأم والابن أو البنت كان تشابهها فيما هو خلقى أو مكتسب على حدٍ سواء، والله أعلم وأكثرنا لا يعلم.
· أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة