بدأت أمس، الكتابة عن كتاب «الإعلام.. الهيمنة الناعمة وبدائل المواجهة» للدكتور محمد شومان، وأواصل.
يضع «شومان» يديه عبر سبعة فصول على وضع الإعلام فى مصر، بكل قضاياه بدءًا من تشخيص أمراضه، وانتهاءً إلى وضع أجندة إصلاح له إذا كانت الإرادة الحقيقية تتجه إلى إصلاحه بالفعل، وأتوقف عند نقطة مهمة، وهى عن أسطورة استطلاعات الرأى العام والتى فرضت نفسها بقوة فى مصر أثناء انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2012، ويتوقف أمام فشل هذه الاستطلاعات فى توقع نتائج هذه الانتخابات وقبلها انتخابات البرلمان، والمعروف أنها توقعت الإعادة فى انتخابات الرئاسة بين عمرو موسى، والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، ولم تضع فيه الرئيس المخلوع محمد مرسى، بين المرشحين المرجح أو المتوقع فوزهم، وكذلك الفريق أحمد شفيق، الذى خاض الإعادة، وجعلت فرص حمدين صباحى ضعيفة بل تكاد تكون معدومة فى الوقت الذى حل فيه ثالثًا، وكانت فرصه فى الإعادة قوية، ويستخلص شومان من ذلك: «كل الاستطلاعات كانت تعمل بقصد أو دون قصد لتزييف إرادة الناخبين وتوجيههم للتصويت لمرشح بعينه».
بموضوعية الباحث، يتحدث «شومان» عن أنه فى ظل عدم توفر دلائل قوية على تزوير الاستطلاعات، يبقى احتمال أن الخطأ يعود إلى ضعف مستوى المراكز القائمة، وافتقارها للخبرة والتراكم المعرفى، غير أن ما يستوقفنا فى تتبع «المؤلف» لهذه المسألة أننا وكما يرصد هو: «أمام مراكز لاستطلاعات الرأى لم تعترف بأخطائها ولم تمارس نقدًا ذاتيًا ضروريًا لتطوير أدائها، وإنما على العكس حاول بعض العاملين فيها إلقاء المسؤولية على الشعب، فالمصريون كما ادعى بعضهم لم يتعودوا على الممارسة الديموقراطية، وعلى حرية إبداء الآراء للعاملين فى استطلاعات الرأى العام، وبالتالى حاول بعضهم تضليل اتجاهات الباحثين، إضافة إلى أن بعض المصريين لم يحددوا موقفهم إلا أمام صندوق الانتخابات».
يقطع «شومان» بأنه إذا كانت هذه التبريرات صحيحة، إلا أن قواعد الاستطلاعات العلمية والخبرات العالمية المتراكمة والمتاحة أمام الباحثين يمكنها حساب كل هذه المتغيرات، وفى مقدمتها تضليل الباحثين أو تقلب آراء الناخبين وعدم تحديد مواقفهم.
يتبنى «شومان» وجهة النظر التى ترى عدم جدوى الاستطلاعات، ويرى أنها أحد أشكال التدخل فى العملية الديمقراطية، ويشدد على أنه من الأجدى التركيز على دعم آليات التحول الديمقراطى والتى ليس من بينها، كما يشاع، إجراء استطلاعات الرأى العام.
وغدًا نستكمل.