فى الآونة الأخيرة أعلن عن تأسيس مجموعة عمل من المواطنين المصريين الأقباط، وأطلقت «على مجموعة من الحركات القبطية والحقوقية»، وقد دعت منصة مؤتمر تنسيقية المواطنة الذى عقد بأحد فنادق القاهرة، إلى تدشين قانون موحد لدور العبادة، بدلًا من قانون تنظيم بناء الكنائس الذى أعدته الدولة بالتنسيق مع ممثلين الكنائس المصرية. وقد تبلورت فكرة التنسيقية فى ضوء غياب الدور المؤسسى للمدنيين بالكنيسة، بانتهاء دور ما كان يعرف بالمجلس الملى الذى تم تفريغه من محتواه ومن مسؤولياته التى نص عليها قرار إنشائه، ليصبح مجلساً احتفالياً منزوع الصلاحيات، وقد شهدت الساحة الكنسية ظهور العديد من التجمعات المدنية «العلمانية» كل بحسب رؤيته، الأمر الذى استوجب التنسيق بين هذه الرؤى، فاجتمع عدد من ممثلى بعض التيارات وتبنوا تكوين كيان للتنسيق بينها، لدعم وتبنى فكرة المواطنة كاختيار يبنى عليه مدنية المجتمع فكانت تنسيقية المواطنة، وهى تجمع مدنى يؤكد الدور الإيجابى المنوط بالمجتمع المدنى ومشاركته فى ترسيخ مفهوم الدولة المدنية. ينطلق من ارضية وطنية وليست سياسية أو دينية، ولذلك فقد شارك فى الإعداد للمؤتمر التأسيسى، أجنحة عديدة فى المجتمع المدنى تجاوزت اختلافاتها لحساب الوطن.
تسعى التنسيقية لكى تقدم قراءة قانونية وواقعية لقضايا المواطنين المصريين الأقباط وفى العمل، من أجل الوصول لذلك لا تمثل التنسيقية مصادمة مع الجهات المعنية وذات الصلة بالنظام السياسى أو الكنيسة، بل هى تدعم كل الجهود التى ترسخ لدولة القانون والمواطنة. عبر آليات الحوار والنقاش وقبول الاختلاف، ونحن نسعى لأن تكون التنسيقية إضافة موضوعية فى طريق تكريس نسق الحوار المجتمعى المخرج الحقيقى من نفق طال، وحتى يكتمل الحوار المجتمعى يتوجب على مجلس النواب الشروع فى عقد جلسات استماع للقوى المدنية من جمعيات ومراكز المجتمع المدنى وأفراد ذوى الصلة بهذا الأمر فى كل هموم وقضايا الأقباط، المخرج الحقيقى لدعم المواطنة وتهدف دمج المواطنين المصريين الاقباط فى الشأن العام، ومناقشة القضايا والإشكاليات المرتبطة بالمواطنة والدولة المدنية، ودعم التواصل الجيلى، وتكريس ثقافة الحوار ودعم التواصل النوعى بين مكونات المجتمع، خاصة فى المحور الدينى على أرضية مجتمعية، إعلاء قيمة التكامل ومناهضة الكراهية وتقديم المساعدات البحثية القانونية والدستورية فيما يتعلق بالتمييز الدينى.
التنسيقية محاولة للتعبير عن رؤية الأقباط من غير رجال الدين «الإكليروس» بغير مصادمة مع الكنيسة، أو مزاحمة لدورها، وتحرص على التنسيق معها فى اطار دعم قيم المواطنة وسيادة القانون، وبشكل تكاملى، أما عن علاقة التنسيقية بالدولة فى تدعم الدولة فى مواجهة الإرهاب، وتقف مع كل المصريين صفاً واحداً فى مواجهة الأخطار التى تتهدد الوطن، كياناً وشعباً ورئيساً، فى هذه اللحظات الفاصلة التى تستهدف تفكيك وحدته، فى الداخل والخارج، وترفض محاولات القوى المناوئة لثورة 30 يونيو، للنيل من كرامة مصر، وفى مثل هذه المواقف التاريخية التى نواجه فيها المخاطر نحيل خلافاتنا البينية إلى مائدة الحوار الداخلى على أرضية المواطنة.
وتعمل على رصد وتوثيق الحياة المدنية للأقباط فى سياق منهجية المواطنة، ونشر تقارير دورية شهرية وسنوية، وتشكيل منبر بحثى وإعلامى وإقامة شبكة علاقات مع الأحزاب والصحف ووسائل الإعلام مصريا وخارجيا للتعريف بقضايا الأقباط بعيدا عن المبالغة ومن منظور المواطنة وبمعايير علمية ومرجعية وطنية. وتدريب وتقديم كوادر شبابية مصرية مهتمة بالقضايا الوطنية ذات الصلة بالأقباط، كتابة تاريخ إعلام الأقباط المنسيين الذين لا تعرفهم الاجيال، وتنظيم ندوات وورش عمل ولقاءت ومؤائد مستديرة ومؤتمرات وحفلات وفاعليات ثقافية.
تأتى هذه الخطوات تعبيرا عن حراك فى الوسط القبطى انطلاقا من رغبة فى الحفاظ على مكتسبات ثورة 30 يونيو، والسعى من أجل لم شمل معسكر الثورة، والتصدى لكل محاولات الوقيعة بين المواطنين المصريين الأقباط وبين القوى الوطنية والتقدمية، خاصة بعد محاولات قوى الردة والثورة المضادة الضغط على الأقباط واضطهادهم عبر محاولات متكررة من استخدام العنف ضدهم تارة وإصدار فتاوى تحض على ازدرائهم وكراهيتهم تارة أخرى.