طالما نتحدث عن الدواء، وصناعة الدواء، وتراجع نصيبنا من الإنتاج، كان من الممكن أن تتطور شركة النصر لصناعة الخامات الدوائية، لتمثل قاعدة توفر الكثير. ما جرى أن صناعة الدواء، مثل صناعات الغزل والنسيج وغيرها أصابها التدهور، بفعل سوء الإدارة وضخ عمالة غير مناسبة، والرغبة فى استغلال مواقعها فى مشروعات سمسرة عقارية.
شركة النصر لصناعة الخامات الدوائية، بدأت فى الستينيات بميزانية 3 ملايين جنيه، ومع السبعينيات توقفت عن التحديث، ووضعت ضمن خطة التصفية فى التسعينيات. ولم تكن الخصخصة أن يتم نقل ملكية الشركات لتستمر فى نشاطها وتطور خبراتها، بإدارة جديدة. لكن تحويلها إلى مشروعات عقارية. مثلما حدث مع شركة المراجل البخارية التى تم بيع أراضيها بعشرات أضعاف ثمنها. وفى حال بيع شركة النصر لصناعة الخامات الدوائية، فالنظر إلى مساحة 120 فدانًا، كانت تمثل مطمعًا لسماسرة العقارات.
توقف البيع، ولم يتوقف الإهمال. ويقول الدكتور حسين عبدالحى رئيس الشركة، إنه تم تعيين أكثر من 800 موظف خلال السنوات الماضية بالواسطة من تخصصات لاعلاقة لها بالدواء، الآداب والشريعة والقانون، مما رفع الرواتب الشهرية إلى 15.8 مليون جنيه. بينما وهنا يمكن التقاط أحد أسباب التردى، والتراجع، وهى أن هذه الشركات يفترض أن تستقبل خريجى العلوم والصيدلة، والتخصصات المحتكة بالدواء، لكن هؤلاء لايجدون عملًا، فيما يمكن لأصحاب الوسايط العمل فى تخصصات ليست لهم ولا يعرفون عنها شيئًا.
إذا كانت شركة النصر لصناعة الخامات الدوائية وبتكنولوجيا الستينيات بها 17 مصنعًا، تنتج حوالى 500 مستحضر بشرى، وبيطرى ومحاليل وحقن والمسكنات وأدوية السكر، فماذا يحدث لو تم تحديثها، وتطويرها تكنولوجيًا وبشريًا وعلميًا؟ الدكتور حسين عبدالحى، رئيس الشركة، طلب فى ديسمبر الماضى، 500 مليون جنيه لنقل المصنع من تكنولوجيا قديمة إلى التحديث. وقال رئيس الشركة، إن توفير التحديث والتمويل، لتستطيع الشركة توفير حوالى %25 من احتياجات السوق بعد 3 سنوات، لمستلزمات الغسيل الكلوى «مرشحات- محاليل- خطوط دم- مستلزمات طبية وغيرها».
ويقول رئيس الشركة، إن الخطة تتضمن إنشاء معامل للخامات وعمليات البلورة والترشيح والتجفيف والطحن والتعبئة والتغليف. وفى حال توفير هذه الإمكانات، يمكن محاسبة الشركة على النتيجة بعد عامين أو ثلاثة. ويمكننا أن نتعاون مع دول مثل الصين والهند، وغيرها، بل ومع الشركات العالمية التى يمكن أن تمثل مصر سوقًا مهمًا لها، مثلما كانت الشركات الكبرى لها أفرع فى مصر.
هذه خطوات توفر الدواء والمال، وتخرج شركة مهمة من الإنعاش والإهمال.