ماذا فى وسع العرب ليفعلوه بينما يتجه دونالد ترامب لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس؟ كثير من العرب أصلا يضعون رؤوسهم فى الرمل ويتجاهلون الخطوة الكارثية التى ينوى ترامب القيام بها، بينما تطنطن وسائل الإعلام ليل نهار بأن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية للعرب! كثير من الدول العربية منكفئة على نفسها ومشغولة بصراعاتها الداخلية ومشاكلها ولا تعير الكارثة المقبلة الانتباه الكافى، بل إن كثيرا من تلك الدول بدأت تفرض سياجا من التعتيم على الموضوع برمته!
الجامعة العربية المفترض أن تعلن حالة الطوارئ وأن تدعو لقمة عربية طارئة لمواجهة ما يمثله القرار الأمريكى من إضفاء الشرعية على الاحتلال والعدوان، مشغولة بدفع رواتب موظفيها ومكاتبها الإقليمية المهددة بالإغلاق بعد تفاقم الخلافات حول تسديد الالتزامات المالية بين الدول الأعضاء على خلفية توزيع حصص الوظائف والمناصب داخل الجامعة.
دول الخليج الآن مشغولة بما سيفعله ترامب معها ومع احتياطاتها الضخمة فى البنوك الأمريكية أكثر من انشغالها بضياع القضية الفلسطينية، وتفكر فى تقليل خسائرها المادية فى مواجهة أطماع ترامب الساعى لابتزازها وإجبارها على دفع إتاوات مقابل حمايتها أو فرض الحماية الإجبارية عليها من فزاعة إيران!
الدول العربية نفسها التى لم تستطع استثمار قرار مجلس الأمن الأخير الصادر بأغلبية ساحقة ضد الاستيطان الإسرائيلى، الذى يعد فى ذاته إعلانا عالميا ضد أى محاولات تسعى إليها تل أبيب لفرض الشرعية على مستوطنات القدس والضفة الغربية، صحيح أن قرار مجلس الأمن صادر بمقتضى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة الذى لا يتيح استخدام القوة لفرضه، إلا أنه مشمول بموافقة الدول الأعضاء الدائمين بالمجلس، وبالموافقة الضمنية من الإدارة الأمريكية التى امتنعت عن التصويت ولم تستخدم الفيتو لتعطيل القرار، الأمر الذى يمكن البناء عليه بحشد العالم وراء استعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة بدلا من ترك القرار التاريخى ليضيع.
الآن وليس غدًا، على الجامعة العربية أن تدعو لقمة طارئة لمناقشة إنقاذ القضية الفلسطينية والقدس، وأن تدعو إليها الأمين العام للأمم المتحدة والدول الأعضاء دائمى العضوية بمجلس الأمن، وأن تستخلص قرارات عادلة بزخم عالمى لحصار وتحجيم أى قرار فردى يقدم عليه ترامب بنقل سفارته إلى القدس، حتى يظل فى حال اتخاذه قرارا فرديا لا تحذو حذوه الدول الأخرى.