لا تنتهى الدروس المستفادة من ثورة 25 يناير، سواء بشكل مباشر يتعلق بطريقة التغيير الذى أحدثته الثورة أو بطريق غير مباشر يرتبط بالوعى الجديد المتراكم بعد الثورة وما تبعها من أحداث واكتشافات لم نكن على وعى بها ونحن نتحرك فى براءة مرددين الشعار الشهير «عيش حرية عدالة اجتماعية» أو ونحن نهتف بسقوط الديكتاتور مبارك.
نعم جرت فى النهر مياه كثيرة وعرفنا أن الثورة التى اندفع للمشاركة فيها الملايين ببراءة الغاضبين الباحثين عن الستر، سرقها الآلاف من جماعة الإخوان الإرهابية ووراءهم عملاء أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية لتنفيذ مخطط لا يمت لأحلام ملايين المصريين الذين خرجوا للشوارع بأى صلة، ولذلك وفور ثورة التصحيح فى 30 يونيو، التى أطاحت بالإخوان وأغضبت الاستعمار الغربى الجديد، عانت مصر من حصار اقتصادى غير مسبوق وحملات إعلامية مدفوعة بمئات الملايين من الدولارات لتشويهها والضغط عليها وكذا لمحاولات جرها لحروب إقليمية لا مصلحة لها فيها، وعندما فشلت تلك التحركات والمؤامرات بدأت إجراءات عقابية تعجيزية ومنها طبعا منع السياحة ومحاولة ضرب الاقتصاد الوطنى.
حائط الصد الأساسى لتلك الإجراءات والمؤامرات كان المصريون أنفسهم الذين كانوا ينشدون قيادة وطنية واعية تراعى الله فيهم وفى البلد وعندما وجدوها التفوا حولها وتشبثوا بها ودعموها كما فوضوها فى إصلاح ما فسد خلال العقود الماضية، ولذا ليس بغريب أبدا أن يرفض المصريون كل أشكال التحريض والاستفزاز للثورة والتجمهر والنزول للميادين مجددا حتى لا يعطوا المتربصين المبررات للتدخل فى شؤون البلد، كما فوتوا كل أشكال الحشد المدفوع فى ذكرى الأيام المشهودة من 25 يناير إلى 25 أبريل وانتهاء ب11-11 إلخ ، بل وتحملوا شد الحزام والغلاء الناتج عن قرارات الإصلاح الاقتصادى بشجاعة وصبر، مما أثار دهشة وتعجب المتربصين والاستعمار الجديد وذيوله من الجماعات الإرهابية.
لم يعد المصريون يلتفتون كلما أهل علينا يناير من كل عام، إلى موسم الجدل الفارغ بين العدميين الجدد الذين ينتظرون وقوع أى مصيبة ليبدأوا اللطم والعويل على مواقع التواصل الاجتماعى ومع اللطم والعويل يدعون للتجمهر والنزول للميادين لإبداء الاعتراض دون تقديم أى حلول لما يرونه انتقادات، وكأن التجمع فى الميادين هو الحل لمشاكلنا وكأن تغيير المسؤول يساوى تغيير وجه البلد لتصبح فى غمضة عين من فقيرة لغنية ومن عشوائيات لمدن مخططة وعصرية ومن بطالة زائدة إلى نهضة صناعية تنافس الصين واليابان.
ولم يعد المصريون أيضا يلتفتون لأية محاولات تشويه أو تقارير إعلامية غربية مدفوعة، فقد سقطت الهالة المقدسة للوكالات والصحف الغربية، بعد أن عانينا من تدخلاتها المفضوحة وإهدارها القيم المهنية فى أخبار وتقارير وافتتاحيات مضروبة لمن يدفع وما أكثرهم فى العالم العربى.
وللحديث بقية