علمونا من كانوا قائمين على رعايتنا أن العورة فى جسد الرجل من السرة للركبة، وأن جسد المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها.. وفى بعض المجتمعات ومع اختلاف الأديان وفى بعض الآراء والأفكار يختلف تحديد العورة للإنسان سواء كان رجلا أم امرأة.. علمونا وعلمونا وعلمونا ولكن علم الحياة وعلم النفس يعلمنا ما لم تتعلمه الأنفس إلا بخبرة المواقف والتعاملات، يعلمنا أن العورات الجسدية من السهل معرفتها ولكن العورات النفسية والفكرية والسلوكية فى أغلب الأحيان تكون عورات لا شعورية قد يصعب على صاحبها اكتشافها.. وقد يكون الحفاظ عليها لكى لا تضر النفس ولا من يحيطها هى من أصعب أمور الحياة.. ولذا عندما ذكر رسول الله أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرئ ما نوى، وأن الله عز وجل لا ينظر إلى أجسامنا ولا صورنا وإنما ينظر إلى قلوبنا فإن ذكره وقوله لا ينطق عن الهوى بالفعل.
ما سبق يثبت أن من السهل أن تغطى عورتك الجسدية ولكن من الصعب أن تغطى عورتك النفسية والفكرية والسلوكية.. فكم بالأنفس من نفاق، تملق، استغلال ولعب بمشاعر الآخرين، خيانة للاخوة والصداقة، خيانة للامانة، استغلال للسلطات، قطع أرحام وأنا ومن بعدى الطوفان.. إلخ؟ أليس هذه عورات تستحق كتابة مقال لها ؟ أليس هذه عورات تستحق أن يكتشفها كل مننا فى ذاته ويتذكر قوله تعالى ( وإذا بليتم فاستتروا )؟
لا يوجد إنسان يمتلك صحة نفسية بنسبة ١٠٠٪ ولكن كل منا خلق على الفطرة الطاهرة النقية، وطبيعة الحياة تثقل نفسيته وسلوكياته بالخير والشر. إذن فلنتفق جميعا أن كل منا يمتلك نسبة من الإنسانية والأخلاق والضمير والأصول ونسبة من العورات.
لا يعيبنا أننا نمتلك عورات ولكن يعيبنا إلا نسعى لاكتشافها أى تصويرها ووضعها أمام عقولنا وأعيننا للعمل على القضاء عليها لكى لا نضر بها أنفسنا والآخرين ولكى لا ننشر عوراتنا فى المجتمعات ونعود فى النهاية نشتكى من عدم الإحساس بالأمان ونطالب العالم بالسلام ونحن من نشارك فى اضمحلال السلام فى العالم يوم بعد يوم دون أن نشعر.. وأن كانت تتملكنا الأنانية ولسان حالنا يقول (وأنا مالى ومال العالم؟ أنا أهم حاجة إنى أظبط حالى أنا) فلتذكرنا أنانيتنا بأن سلام العالم الخارجى من سلامنا الشخصى..
علموا أولادكم أن اكتشاف العورات النفسية والفكرية فى أنفسهم وفى من يتعاملون معه فى الحياة مبدأ أساسى يأتى قبل تغطية العورة الجسدية.. لأن من كانت نفسيته رافضة لضرر الآخرين بعوراته الداخلية فسوف ترفض بشكل تلقائى ضررهم بعورته الجسدية.