أسوان كانت فى حاجة ماسة جدًا لهذه الزيارة.. عاصمة الجنوب وعروس النيل لحظة استئذانه لدخول أرض الكنانة من البوابة الجنوبية ليملأ أرضها بالخير والنماء، انتظرت كثيرًا زيارة رئاسية بطابع شعبى لإعادة البسمة والضحكة العريضة إلى معالمها الأثرية والتراثية والسياحية، وعلى صفحة نيلها الخالد.
لم يتأخر الانتظار طويلًا مع إعلان عقد مؤتمر الشباب فى دورته الثالثة بعد شرم الشيخ والقاهرة فى عاصمة السحر والجمال، أسوان.. وهذا ما دعوت إليه بعد مؤتمر شرم الشيخ، بعقد المؤتمر شهريًا فى محافظة خارج القاهرة، ودعوة شباب هذه المحافظة فقط لحضور المؤتمر، بشرط أن يكون الشباب الحقيقى من أطياف سياسية مختلفة حتى يأتى المؤتمر بنتائج حقيقية معبرة عن مشاكل شباب المحافظة وهمومهم، وليس «الشباب بتوعنا» على طريقة أطفال فيلم «جواز بقرار جمهورى».. المؤتمر فى أسوان.. فى جنوب الصعيد الذى ينتظر الكثير من الاهتمام، ومشروعات التنمية بعد حقبة طويلة من الاهتمام.
فى رأيى أن ذهاب الرئيس عبدالفتاح السيسى مبكرًا وقبل المؤتمر بيومين كان له أثر نفسى إيجابى للغاية على أهالى المحافظة والمصريين عمومًا، وكان له تأثير وصدى إعلامى محليًا وخارجيًا لدعم السياحة فى هذه المدينة الجميلة بآثارها ومعالمها البديعة، فالرئيس فى أقصى جنوب البلاد يمشى فى الأسواق، ويصافح الناس، ويتجول فى المساء على كورنيش النيل بأسوان راكبًا مع السيدة الجليلة حرمه «الحنطور»، المركبة الشعبية التراثية الأشهر فى المدينة، ويُحيى السياح ويلتقط معهم الصور التذكارية رغم قلة عددهم.
الناس تشاهد الرئيس وحرمه فى «الحنطور» فى جنوب الصعيد، ربما لأول مرة، وبهذه البساطة منذ زمن طويل، فالرئيس لم يأت عابرًا لافتتاح مؤتمر لمدة ساعة أو سويعات قليلة ويمضى عائدًا للعاصمة بطائرته.
الفسحة الرئاسية فى «الحنطور»، وزيارة السد العالى، والجولة النيلية فى أجمل بقاع الأرض وبين معالم أقدم حضارة إنسانية، فى رأيى الشخصى المتواضع أهم عندى من المؤتمر، رغم ضرورة انعقاده فى أسوان، فى رسالة للعالم ورسالة للمصريين فى الجنوب، وفى أسوان الذين بدأوا يشعرون الآن بأنهم ليسوا بعيدًا عن عقل الرئيس أو اهتمامه، واهتمام الدولة فى إنهاء مرحلة التجاهل للصعيد، فمشروعات المثلث الذهبى، وجزء من مشروع الطرق، والمليون ونصف المليون فدان، والتسهيلات الاستثمارية تصب فى صالح كسر عزلة الجنوب وتنميته.
مدن الصعيد بدأت تستعيد ثقتها فى الدولة مرة أخرى بعد زيارة الرئيس لأسوان.