اشتركت، أمس، فى إحدى ندوات المجلس الأعلى للثقافة، بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، مع نخبة متميزة من شباب الإعلام والثقافة، الدكتورة حنان يوسف، والإعلامى المتميز «محمد عبده»، والباحث الدكتور رامى عطا، حملت الندوة عنوانًا عريضًا هو «دور الإعلام فى دعم الثقافة لمواجهة الإرهاب»، وفى الحقيقة فقد فكرت كثيرًا قبل ذهابى إلى هذه الندوة من جدوى الذهاب والحضور والكلام والتعليقات، ثم الانتهاء إلى اللاشىء، فماذا نفعل سوى أن نتكلم؟ وإلى متى سنظل قابعين فى خانة الكلام ولا نغادرها إلى خانة الفعل، وإلى متى نتحدث عن «دور الثقافة» ودور الإعلام، وصناع القرار فى مصر يتخيلون أن الثقافة منحة إلهية أو هبة سماوية أو كائنًا فضائيًا سيهبط علينا دون حتى أن نمهد الأرض التى ستستقبله، وفى النهاية قررت أن أذهب إلى الندوة أملًا فى أن يستفيد أحد بشىء، أو أن يستمع إلى حديثنا أحد صناع القرار فيتأثر.
ذهبت إلى الندوة مترددًا متشككًا، ورجعت من الندوة مبتهجًا مسرورًا، فلأول مرة أشعر أن لندوة «ما» أهمية «ما» لما رأيته من إقبال وإخلاص فى المتابعة من قبل الشباب والشابات الذين حضروا الندوة، كما أضافت الإدارة المحترفة للإعلامى محمد عبده رونقًا وبهاءً إلى كلمات المحاضرين، وكان السؤال الأهم الذى طرحته فى الندوة هو متى سنحارب الإرهاب فعلًا؟ ومتى سنستيقظ من النوم لنحقق أحلامنا التى رأيناها فى المنام؟ فلا يختلف أحد حول أهمية دور الثقافة فى محاربة الإرهاب، ولا يتبارى معك أحد فى كون أن الإعلام أحد أهم الأسلحة الوطنية لبناء الشخصية المنتمية المتفاعلة بإيجابية مع متغيرات العصر وتحديات مصر، فمتى سندخل إلى دائرة الفعل ونترك دائرة رد الفعل؟
متى نعرف أن فرق «الجوالة» التى اندثرت كانت من أهم عوامل تدعيم ثقافة «قبول الآخر»، ومتى سندرك أن فريق المسرح المدرسى كان من أهم أدوات تطوير الذات، ومتى سندرك أن حصة الموسيقى ليست مخصصة لتقطيف الملوخية أو لتقميع البامية؟ وأن درس الخطابة لم يكن عرضًا استعراضيًا، وإنما كان أحد أهم وسائل التدريب على التعبير عن الذات، متى سندرك أن المتاحف لا تمتلك حنجرة لتقول للناس تعالوا زورونى؟ ومتى سندرك أن طريقة تفكيرنا فى الثقافة هى أهم عوامل تنفير الناس من الثقافة، وأننا نحتاج إلى عقد ثقافى جديد يتناسب مع جيل «البوست» وجيل السيلفى، ومتى سندرك أن «جيل عبده موتة» أشد خطرًا من «جيل أسامة بن لادن؟».