نشأ جهيمان العتيبى فى إحدى المناطق تدعى ساجر، كان ساكنوها من الإخوان الذين حاربوا مع الملك عبدالعزيز، بقيادة رجل يدعى سلطان بن بجاد، والذى كان الإخوان يطلقون عليه اسم سلطان الدين، ولكن الأمور لم تسر بسلاسة بين الإخوان والملك عبدالعزيز بسبب منهج التحديث، الذى كان يتبعه، مما جعلهم يحاربونه فى واقعة «السبلة»، التى هزم فيها الإخوان، وألقى القبض على بن بجاد وزُج به فى السجن، الذى مات فيه بعد ذلك، ويبدو أن العتيبى قد بايع أنصار الشيخ سلطان على السمع والطاعة وأصبح ضمن أعضاء التنظيم الدولى للإخوان وجاء للقضاء على النظام الملكى السعودى، وهو ما يعنى أن ظهور العتيبى مرة أخرى بهذا الفكر الإرهابى أنه تربى فى حضرة مرشد الجماعة بالسعودية، وهى حقيقة أقرها كاتب وثيقة الكشف عن أصول تنظيم الجهيمان لاحتلال الحرم المكى بأنها إخوانية، حيث أشارت الوثيقة للكاتب ناصر الحزيمى إلى أنه أثناء وجود الكاتب للدراسة فى فرع مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة، تم تكليفه بتنظيم حج قادة ومنتسبى الجماعة السلفية المحتسبة، وأثناء الحج أتيحت له الفرصة ليلتقى القائد الحركى للجماعة، جهيمان العتيبى، ومساعديه المقربين منه.
الأجواء الجماعية الروحية هى ما أشعرته بأنه وجد ضالته، حيث أصبح من تلك اللحظة ينتمى لهم قلبًا وقالبًا، ربما يرجع ذلك إلى كون الجماعة السلفية السعودية المحتسبة تعيش السلفية بكل تفاصيلها التعبدية والتقشفية والزهدية على أصولها، كما عاشها ومارسها السلف الصالح.
بعد الحج زار جهيمان فرع الجماعة فى مكة المكرمة، وتعرف على ناصر الحزيمى عن قرب، واصطحبه معه فى رحلة دعوية طويلة إلى قرى الحجاز، وكان جهيمان فى دروسه الدينية للعامة يتحدث عن المحاذير، التى يقع فيها البدو مثل زواج الشغار، أما فى الجلسات الخاصة بأفراد الجماعة فكان يتحدث عن نبذ التمذهب واتباع الدليل.. بالإضافة إلى مواقف تعكس الطبائع الشخصية لجهيمان، فمثلًا فى إحدى المرات ذهب لمقابلة أحد المسؤولين فى دار الإفتاء والدعوة والإرشاد، الذى لم يقابله بتواضع، مما أثار كبرياء جهيمان، فكان رد فعله عندما رآه أثناء اقتحام الحرم، أن قام بسجنه فى سجن الحرم، بالرغم من أنه لم يرتكب أى جريمة، إلا إذا تم اعتبار ما حدث بينه وبين جهيمان أمرًا يستحق العقاب!
امتد ذلك الخطاب فى مرحلة لاحقة ليشمل الدراسة فى المدراس، والقول بأن العلم يمكن تحصيله عن طريق الكتب الدينية وحلقات المشايخ فى المساجد، مما أضاف إلى الجماعة فئة جديدة، وهم المراهقون الهاربون من أهاليهم بسبب الدراسة، بذريعة وجود الفتن فى بيوتهم ونستكمل باقى نشر الوثيقة فى الأيام القادمة.