للمرة الألف، لا يملك الواحد سوى الإشادة بالمجهود الذى يبذله جهاز الرقابة الإدارية، فى ضبط الخدمات الحكومية ومراقبة الأسواق ومراجعة أداء المسؤولين، ومحاربة الفساد المتفشى فى مفاصل الدولة، ومؤخرًا، اتبع هذا الجهاز النشط نهجًا جديدًا فى الرقابة على الخدمات الحكومية المقدمة إلى المصريين بأن يجرى ضباطه تفتيشًا ميدانيًا على بعض مرافق الدولة ومؤسساتها بشكل شبه يومى، فمنذ أيام أجروا تفتيشًا على المخابز، ثم على المجمعات الاستهلاكية، وأمس أجروا تفتيشًا على بعض المستشفيات الحكومية، واكتشفوا بحسب التقرير الذى نشره الزميل حازم عادل، فى موقع «انفراد»، الكثير من السلبيات والكثير من المخالفات، وهو أمر متوقع وغير مفاجئ، فمعروف أن جميع مؤسسات الدولة تعانى من ترهل إدارى كبير، كما تعانى من فوضى مؤسسية ضخمة جعلت إنهاء أمر فى مصلحة حكومية أشبه بمعجزة.
نريد من هذه الحملات «ألف» ونريد أن تعمم على كل مرافق الدولة وليس بعضها فحسب، كما نريد أن يتحول جهاز «الرقابة الإدارية» إلى ما يشبه «فتوة الناس الغلابة»، الذى يستغيث به المواطنون فيغيثهم، نريده أن يتحول إلى ما يشبه «المعتصم» الذى نادت عليه امرأة ذات يوم، وقالت «وامعتصماه» فأتى بالجيوش الجرارة، ليغيث هذه المرأة، نريده أن يتحول إلى شبح يخاف منه المخالفون، ويرتدع منه المترددون، نريده أن يتحول إلى ما يشبه «مفوضية محاربة الفساد» التى يتمتع أصحابها بسلطات مطلقة للنيل من كل ظالم، والظفر بكل ما يصلح أحوال البلاد.
شكرًا على هذا المجهود الوافر، شكرًا على فضيلة الاستيقاظ من الثبات والعدم، شكرًا على هذه الهمة التى تبنى وتدعم، شكرًا على محاربة الآفات المتكلسة على جبيننا، شكرًا على ما فعلتموه وهو كثير وعلى ما ستفعلوه وهو كثير أيضًا، ولهذا أطالب هذا الجهاز المهيب بأن يخصص رقمًا لاستقبال وقائع الفساد أو شكاوى المواطنين من الهيئات الحكومية، كما أريده أن يعتبر الشعب المصرى كله ضمن جنوده وأعوانه، وأرجو من صناع القرار فى مصر أن يدعموا هذا الجهاز بكل ما يحتاجه من عدة وعتاد، وأن يضموا إليه جميع الكفاءات البشرية وجميع الإمكانيات التكنولوجية، فمهمة هذا الجهاز تعاظمت فى الفترة الأخيرة لأنه يحارب الفساد الذى ترسب منذ سنين حتى صار مكونًا أساسيًا من مكونات المجتمع، ومهمته ستتعاظم فى الفترة المقبلة، لأنه الجهاز الذى يكفل سلامة المناخ الاقتصادى، وخلوه من عفن الفساد.