عندما بدأت كتابة كشف المستور فى قضية احتلال تنظيم إرهابى الحرم المكى وساحة المسجد الحرام، الذى استمر لمدة 14 يومًا عام 1979 لم أكن أتصور أن يحاول مختل عقليًا هذا الأسبوع حرق الكعبة الشريفة، وهو الحادث الذى أصاب أكثر من مليار مسلم بصدمة كبيرة بعد شعور الجميع أنه هناك خلفاء للمختل الأكبر، جهيمان العتيبى، قائد تنظيم محاولة احتلال الحرم المكى، وكما قلنا: إن هذا الحادث حظى باهتمام كبير من جانب عدد كبير من المستشرقين، الذين قدموا العديد من الأبحاث والوثائق، التى أسهمت فى كشف تنظيم جهيمان العتيبى، الذى ظل داخل الحرم لمدة 14 يومًا حتى نجحت قوات الحرس الوطنى السعودى من تحرير الحرم من هؤلاء المرتزقة، الذين شوهوا بأعمالهم الدين الإسلامى الحنيف، بعد أن دنسوا أطهر بقعة فى الأرض، وهى الحرم المكى، فتحت عنوان «حتى لا يعود جهيمان - حفريات أيديولوجية وملاحق وثائقية نادرة» لـِ توماس هيجهامر، ستيفان لاكروا وترجمه للعربية المهندس د.حمد العيسى، كشفت الوثائق، التى ضمها الكتاب عن العديد من الحقائق من وجهة نظر المستشرقين الغربيين، ويتكون الكتاب من عدة مقدمات وفصلين، ويتحدث الفصل الأول عن جهيمان وأحداث احتلال الحرم، ويختص الفصل الثانى بدراسة تأثير الشيخ الألبانى على التنظيم.
وذكر المؤلفان أن إحدى الوثائق كشفت عن أن أوسع تقرير عن حادثة جهيمان نشر فى صحيفة محلية ناطقة بلغة أجنبية! وتحدثت الوثائق عن أهمية سلامة المواطن الأمريكى وأمنه، سواء رضيت الحكومة المحلية أو غضبت، ولذا استنفرت أمريكا للسؤال عن مصير اثنين من الأمريكيين المشاركين مع جهيمان، وحصلت القنصلية فى الظهران على تأكيدات عليا بالحماية!
وخصصت الوثيقة رقم 35 لتقرير السفارة عن السعودية عام 1979، حيث تضمن التقرير أربع مشكلات تواجهها أمريكا فى العلاقة مع المملكة، وهى:
1 - الثورة الإيرانية وتأثيراتها وهى مزعجة للحكومة السعودية والأكثر إزعاجًا تخلى أمريكا عن صديقها الملك المخلوع!
2 - النزاع الفلسطينى اليهودى والتعهدات الأمريكية لتطمين الحكومة السعودية المهتمة بفلسطين.
3 - التهديد الروسى للمنطقة.
4 - الفساد بالمعنى الغربى ويعنون به الفساد المالى والإدارى، أما الأخلاق فلا قيمة لها!
ويوصى التقرير بحل مشكلات تحديث المجتمع بالتعاون مع الحكومة بوتيرة هادئة لا تثير ولا تصادم الثقافة الشعبية، ويشير إلى رغبة أكثر المواطنين بأن تستعيد الحكومة التزامها الدينى، ويصف مشاعر أغلب السعوديين بأن علاقة الحكومة مع أمريكا تصب فى مصلحة أمريكا فحسب، ويعلق معد التقرير أنه لحسن الحظ، فالقيادة لا تشارك شعبها فى هذا الشعور! ثم يختم باحتمالية وقوع حوادث أخرى مستقبلا، حيث أثبتت الحادثة أنه ربما يمكن لمجموعة دينية أخرى غير منشغلة بمزاعم مهدوية أن تسبب تهديدًا جديًا للنظام إذا أثارتها سياسات التحديث والفساد فى الحكومة.
وإذ نستعرض مثل هذا الكتاب نشارك المترجم دعوته لأن يتولى مواطنون مهنيون مخلصون دراسة مشكلاتنا وتقديم الحلول الناجعة لها، فهؤلاء إذا سلموا من التبعية للغرب، ومن العداء للثقافة المحلية ومن التزلف للسلطة فسيكونون الأقدر على تجلية مكامن الخطر وفرص النفع.. وكم نتمنى أن تمضى بلادنا بأمن وأمان نحو تحقيق مصالح الناس فى دينهم ودنياهم وتنمية البلاد والارتقاء بها دون مساس بثوابتها الشرعية، أو الرضوخ لإملاءات الآخرين، فلدينا دين قيم، وشعب واع متطلع، وثروات هائلة، وفرص عريضة للإصلاح الاختيارى لم تنحسر بعد؛ وتنتظر مَنْ يجرؤ ويهتبلها انتهت حلقات الكتاب الأخطر، الذى فند أسباب احتلال الحرم المكى وكيفية وضع آلية لعدم تكرار هذه الجريمة الإرهابية مرة أخرى.