نعم تتألم الصداقة وتحزن الذكريات، عندما يحولها البعض من صدق لتفاهات.. ونعم تنمو الصداقة وتواجه الضغوط والصراعات، عندما نقدر قيمتها ونراعى وجودها ونسقيها الماء النقى وليس الملوث.. عزيزى القارئ كما أن للمواصلات قوانين، وللعقارات قوانين، وللسيرك قوانين، وللغابة قوانين فإن للصداقة قوانين أيضاً، يشرعها ويتابعها ويحقق فيها (الأصدقاء أنفسهم).. إذن الأصدقاء يضعون القوانين ويتابعون تنفيذها وهم من يحاكمون الشارد عنها أيضاً، ولكن يتأثر بالنتيجة المجتمع كله وليس هؤلاء الأصدقاء فقط .
إذن فالقيم الجميلة هى فى أصلها جميلة وتميل للخير. من يستخدمها هو الذى يتركها تفوح بعطر الجمال فتعطى الطمأنينة للمجتمع بأن الخير مازال بالمجتمع.. أو يوجه بها التارة لتنحرف لتفوح بعطر قبيح، فتتألم هذه القيمة لأنه أراد بها أن تنحرف عن أصلها وهى لا تريد أن تخلع ثيابها، لا تريد أن تنحرف عن أصولها، فأصول الصداقة هى الصدق، والصدق خير، ولكنه اضطرها.. فلذا من الطبيعى أن تتألم.. ويتألم من خلفها مجتمع بأكمله مرددا (الدنيا ما بقاش فيها الخير).. ولكننى أرفض كلامهم لأنه لا ينطق عن الهوى من قال (الخير فى وفى أمتى إلى يوم الدين).. لذا يجب ألا نعمم الشر لأن كل من قابلتهم فى حياتك ولو بنسبة ٩٨ بالمائة أثبتوا لك أنه لا شىء يسمى صداقة، فهناك ٢بالمائة سيعلمونك أنه لا أطهر ولا أنقى ولا أجمل من الصداقة الحقيقية، ولكن عليك اتباع قوانينها حتى لا تظلمها فى حكمك عليها ..
إن أى علاقة بين اثنين لكى يتم إدراجها تحت مسمى الصداقة لابد وأن تخضع لقوانينها التى يصعب ذكرها كاملة فى هذا المقال لكن سأعطيك قانون البداية وقانون النهاية.. لأنهما هما الأصعب فى التأثير على صحتنا النفسية:
تبدأ قوانين الصداقة بأنها لا تعرف زمن، ولكن الصداقة الحقيقية لا تتنازل عن الزمن !!!!
ما سبق يعنى أنه من الممكن أن ترى إنسان منذ لحظات وتشعر بأنك تعرفه سنوات، وأن هناك راحة نفسية فى تواجدك معه، وهذا يعنى أنها بداية علاقة قد تكون الصداقة، والأصل فيها (الصدق ) فأنت بالفعل صادق فى إحساسك تجاهه، ولكن لكى تقوم بالحكم الصحيح على هذه الصداقة ولكى تعطها مسمى الصداقة الحقيقى، فلابد من أن تأخذ هذه العلاقة مجراها الحقيقى من الأيام والمواقف والمقابلات والسفريات.. إلخ، لكى تتمكن من معرفة طبيعتها وليس ما تتظاهر به..
ونهاية هذه القوانين أنه لا ضرر ولا ضرار.. أى أنه كل ما لا يرضيك فى الصديق قابل للتعديل إلا من كان فى أصله الضرر، أى أنه إذا ظللت تبحث عن الصديق الذى بدون أخطاء فأنت بذلك تبحث عن ملاك وليس بشر.. وأن ظللت تبحث عن صداقة بدون مشاكل فأنت بذلك تبحث عن الجنة وليس الدنيا.. إذن فمن الضرورى أن تتوقع وجود ما يرضيك وما لا يرضيك فى الآخر من السمات وردود الأفعال والحكم على الأمور، ومن الطبيعى أن تختلفوا فى بعض الطباع، ولكن ليس من الطبيعى أن تكون معرفتك بالطرف الآخر محصلتها الضرر الحياتى لك .
إذن فقوانين الصداقة تأمرك بأن لا تترك صديقك مهما تعسر بكما الحال، مهما كان مختلفا عنك فى ظروفه أو إحساسه أو مكانته.. إلخ، لأن الأصل فى العلاقات ( الاختلاف) فلقد خلقنا الله شعوبا وقبائل مختلفين لنتعارف .
ولكنها تسمح لك فى تركه بحالة أن يكون هذا الصديق مضرا لك لأن الأصل فى الصداقة الصدق أى النفع وليس الضرر ..