مجرد أن تمتلك اتصالا بشبكة الإنترنت، يمكنك أن تبحث عن معلومات وتحصل عليها مجانا من جوجل.. فهو أرشيف لانهائى يحفظ مليارات الصفحات، من الأخبار والأرقام والمعلومات التى يضعها آخرون، الحقيقة أنه لا يوجد شىء مجانى، أنت تحصل على معلومات، وتعطى بيانات ومعلومات تخصك وغيرك، «جوجل» أتاح مبكرا مساحات متسعة من الشبكة لاستقبال كل ما ينشر من بيانات أو أخبار أو كتب أو بيانات شخصية بما فيها موقعى التواصل الاحتماعى «فيس بوك وتويتر»، هو يتيح لك ولغيرك مساحات فى مخازنه، ويحتفظ بحق تصنيفها والاطلاع عليها، وما أن تضع معلومات أو بيانات لا تصبح ملكك.
نظريا هناك خصوصية تحميها القوانين، وعمليا خصوصيتك هو ما تحتفظ به لنفسك، أما ما تقدمه وتكتبه وتنشره فى مواقع وصفحات عامة يصبح مباحا للآخرين، زمان كان كثيرون يتعبون جدا فى الحصول على أرقام وإحصائيات تم نشرها مسبقا، وكان الأرشيف الورقى للصحف يتضمن ملفات وأضابير ضخمة، ملفات يتم تصنيفها طبقا لنظام بيانات بناء على التشابه.
مع الوقت تطور الأرشيف إلى الميكروفيلم، لكن الأرشيف الإلكترونى وفر الكثير من الوقت والجهد، بالمقابل يحصل على بيانات المستخدم، ويعرف كيف يتعرف عليها وينتزعها، بيانات وضعها أصحابها بكل رضا وموافقة ولا يمكن لأى منهم أن يشكو من عدوان على خصوصيته، وحتى عندما ثبت أن بعض البوابات والمواقع تبيع بيانات المستخدمين لشركات أو تقدمها لأجهزة، لم تنجح محاولات انتزاع تعويضات من هذه الكيانات الضخمة.
بعض ممن ينشرون كل فترة تحذيرات من عينة «أنا فلان لم أمنح فيس بوك حق استخدام معلومات خاصة»، هو مجرد كلام لا يعنى شيئا، لأن المواطن لا يمنح فيس بوك، لكن يمنح آلاف المستخدمين من أصدقائه وأصدقائهم وأصدقاء أصدقائهم، حقوقا على هذه البيانات، يمكنهم تحليلها والتعرف عليها واستعمالها فى إنتاج مقدمات ونتائج.
وبالتالى، فإن صديقك جوجل فى الواقع يصاحبك أينما ذهبت، وأنت تحمل موبايل أو تاب أو آيباد، فأنت تحصل على معلومات وتعطى انطباعات، مع جوجل وفيس بوك ويوتيوب، اللايك والبلوك والتعليقات، تكشف ما إن كان الواحد مبسوطا أو ساخطا، متفائلا أو متشائما، حزينا أو فرحان، وكل هذا يوضع فى تحليلات تمثل خريطة كاملة لأمزجتنا وأشواقنا وحبنا، وبالتالى يمكنه أن يخبرك بأخبارك ومزاجك وأفكارك، تماما مثلما فعل محمد عبدالوهاب فى فيلم الوردة البيضا، عندما قال لها: «متعرفيش إنى اقدر أقرا أفكارك/ ومن «لايكاتك» أقدر أقولك على كل أسرارك/ حكيم روحانى حضرتك؟ لا أنا «جوجل».