السنوات العجاف فى العلاقات المصرية الأمريكية انتهت مع انتهاء فترة رئاسة الرئيس باراك أوباما الذى اتخذ موقفا عدائيا واضحا وصريحا ضد إرادة الشعب المصرى، وموقفا عدائيا من الرئيس عبد الفتاح السيسى، كما كان من الواضح دعمه الكامل وغير المشروط لجماعة الإخوان المسلمين والمعزول محمد مرسى والتنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، من خلال العديد من الجمعيات الأهلية فى الولايات المتحدة التى تعمل تحت غطاء المجتمع الإسلامى، والجاليات العربية، ولكن فى حقيقة الأمر هى جمعيات تدار من أعضاء التنظيم الدولى للإخوان وتنفذ أجنداته السياسية الخفية وأجندتهم فى خراب المنطقة العربية بهدف الوصول لإعادة إقامة الخلافة الإسلامية، بهدف سياسى بحت لا علاقة لة بالدِّين بل يستخدمون الدين فقط للوصول إلى عقل و قلب الشخصيات المتدينة والمحافظة ومحاولة غسل عقولهم وتجنيدهم للعمل فى التنظيم بشكل غير معلن أحيانا حتى للشخص نفسه الذى جند للعمل فى التنظيم .
أصر أوباما وأدارته على تنفيذ مخطط تفتيت منطقة الشرق الأوسط ورسم خريطة الشرق الأوسط الجديد التى كشفت عنه وزيرة الخارجية السابقة كونداليسا ريس، كما تعمدت أيضا إدارة أوباما غض البصر عن جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان وتنفيذ الإبادات الجماعية التى قام بها تنظيم داعش والمعروف بأنه صناعة أمريكية كان المقصود منة الإطاحة ببشار الأسد.
لقد أردت أن أسرد التفاصيل السابقة فقط للتذكرة وقراءة المشهد الراهن، لكن الوضع قد تغير الآن، فالفرصة المتاحة لاستعادة العلاقات المصرية الأمريكية هى الأفضل فى عصر دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، الذى مع بداية عهده رأيناه يدعو الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لزيارة البيت الأبيض مما يخالف تماما أجندة الرئيس السابق باراك أوباما والذى أدار ظهره للمصريين وإرادة الشعب المصرى فى الوقت الذى احتاجت فيه مصر لدعم حلفائها من الدول العظمى لمحاربة التطرّف والإرهاب.
ففى ظل الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسى لواشنطن، أود أن ألقى الضوء على بعض الأمور التى من وجهة نظرى المتواضعة هى مهمة ليس فقط لتقوية العلاقات المصرية الأمريكية، لكن للحفاظ عليها فى المستقبل حتى نتجنب حدوث أى شوائب فى العلاقة أو إتاحة الفرص للوقيعة بين الدولتين فى ظل الإدارة الجديدة واحتمالية اختلاف وجهات النظر فى ملفات عديدة قد تعكر صفو العلاقة بين البلدين، ففى الواقع هناك فرصة ذهبية لإعادة العلاقات المصرية الأمريكية إلى أقواها على مدار التاريخ كما صرح لى الجنرال مايكل فلينن مستشار الأمن القومى الحالى فى لقائه التليفزيونى فى برنامج النبض الأمريكى، كما أنه أيضا اعترف بأن إدارة أوباما قد أعطت ظهرها لمصر وأنه على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تبذل مجهودا كبيرا لمحاولة إعادة الثقة المصرية فى الولايات المتحدة الأمريكية.
فالسؤال الذى يطرح نفسه هل هذه العلاقة كافية على المستوى الرئاسى فقط؟.. أعتقد أنها خطوة رائعة للتقارب بين الرئاستين المصرية والأمريكية حيث يوجد صناع القرار ولكنى أيضا أرى مثل هذا التفاهم والتعاون لابد وأن يكون على مستويات مختلفة فى الشكل والمضمون وطريقة التقارب. أقصد من كلامى أن يكون هناك تقارب رسمى على مستوى الرئاسة وخارجية البلدين، وأن يكون أيضا هناك حوار بين مجلس النواب المصرى والكونجرس الأمريكى فى القضايا التى يمكن التعاون فيها ومنها ملف الإرهاب وتبادل الخبرات فى سن القوانين التى تحمى شعبى الدولتين وتحافظ على أمنهما القومى.
أيضا أعتقد أن يشمل التعاون أيضا الإعلام والصحافة حتى يتسنى للمواطن الأمريكى معرفة ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط من مصادر موثوق بها وليس من شبكات لها أجندتها الخاصة مثل الجزيرة وغيرها، كما يجب إمداد الصحافة العالمية بالتقدم الذى يحدث فى مصر فى كافة المجالات والمشاريع القومية الضخمة التى يتم افتتاحها بشكل دورى لتجنب مقالات كاذبة عن الاقتصاد المصرى قد تتسبب فى هروب المستثمرين ورجال الأعمال من الأسواق المصرية كما حدث فى العام السابق فى المقال المشهور لمجلة الإيكونومست .
التعاون أيضا لابد وأن يشمل القوة الناعمة من المفكرين والكتاب والفنانين العالميين المصريين والرياضيين، وأيضا العلماء المصريين فلابد من إقامة مؤتمرات وأنشطة يتم فيها الالتحام بالخارج حتى نتيح فرصة التقرب من مصر فى ثوبها الجديد بعد ثورتين قويتين مما سينعكس على ملف السياحة والاقتصاد والتجارة بشكل إيجابى.
أرى أيضا أن من أهم النقاط هو تكوين لوبى مصرى قوى فى واشنطن يرعى مصالح مصر، وقد عملت ومازلت أعمل جادا فى تحقيق هذا الهدف كما حاول قبلى المحامى الراحل الأستاذ ماجد رياض على تحقيق هذا الهدف بتكوين مؤسسة مصرية سياسية ولكنها لم تستمر لأسباب عديدة.
نحن نسمع عن الكثير من الدول التى تحقق الكثير فى واشنطن نظرا لامتلاكها قوة سياسية تتعامل مع مؤسسات الدولة الأمريكية لتحقيق مصالحها وهذا ذكاء شديد من تلك الدول، حيث إنها تحاول أن تتجنب المواجهات مع الإدارة الأمريكية حال رغبتها فى تحقيق أهدافها بعيدا عن المخاطرة بعلاقتها الرسمية معا لولايات المتحدة الأمريكية .
وأرى أن بعض منظمات المجتمع المدنى فى مصر و التى تعمل لدعم الدولة المصرية لابد وأن تشارك فى مثل هذا التعاون حتى تحاول تعميق التعاون فى ملفات كثيرة، كما أيضا لابد وأن تكون خط الدفاع الثانى أو الثالث عن مصلحة مصر حين نشوب وجهات نظر متعارضة بين الطرفين واكبر دليل على ذللك هو تعارض وجهات النظر فى ملف الاستيطانات اليهودية لدولة الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين و الذى سبب احراج وتوتر فى ردود الأفعال بين الدوليين ولكن نشكر الله على حكمة الرئيس المصرى والبعثة المصرية للأمم المتحدة اللذين تعاملا مع هذا الملف بمنتهى الحرفية والحساسية بدون التنازل عن المبادئ المصرية فى القضية الفلسطينية و بدون التصادم مع إدارة الرئيس دونالد ترامب الداعم القوى لإسرائيل، فهنا كان الدور الرئيسى لبعض تلك المنظمات المتخصصة لتوضيح وجهة نظر مصر بشكل لا يتعارض مع رؤية مؤسسات الدولة المصرية.
لابد أيضا من التفاعل بين مراكز الأبحاث السياسية المصرية ونظيرتها الأمريكية بما لا يتعارض مع أسرار الدولة المصرية أو أمنها القومى وهذا ليس عن اضطرار و لكن عن رغبة فى تقارب و جهات النظر و توضيح مواقف قد تترجم بشكل لا يرتقى للواقع، فدائما أحب أن تكون مصر هى الفاعل وليست المفعول بها، أى نكون نحن مصدر المعلومة وليس مستقبل المعلومة وخاصة إن كنّا أصحاب المعلومة ذاتها. فعلى سبيل المثال إبان ثورة ٢٥يناير وصلت تقارير مغلوطة كثيرة عن الثورة المصرية وأهمها ما أرسل من قبل السفيرة الأمريكية السابقة أن باتيرسون بتزييف الواقع وإقناع الإدارة الأمريكية بضرورة مساندة الإخوان نظرا لقوتهم على الأرض وهذا كان مخالف للحقيقة تماما ولكن للأسف لم يوجد من يرد أو يضاهى هذه الأكاذيب.
من زاوية أخرى نرى تمثيلا ليس على المستوى المطلوب أو الضرورى من الدبلوماسية المصرية فى الخارج بجانب الجهود القوية والملموسة لوزير الخارجية السيد سامح شكرى والقنصل العام فى نيويورك السفير أحمد فاروق والذى أشهد بشكل شخصى على عمله الدءوب فى دوائر صناعة القرار الأمريكى والإعلام الأمريكى من خلال محاضرات ألقاها فى مختلف المنظمات الأمريكية للدفاع عن مصر وثورتها فى ظل الظروف التى تمر بها مصر من مشاكل اقتصادية وسياحية وغيرها.
فعلى سبيل المثال لو كان هناك حوار دائم و حضور قوى للدبلوماسية المصرية فى الكونجرس الأمريكى ولو تمت زيارة وفد مجلس النواب الكونجرس الأمريكى، كما اقترحنا فى الماضى لما سمعنا عن تلك القوانين التى حاولت انتهاك الشؤون الداخلية المصرية مثل قانون ترميم الكنائس وما شابه ولكن للأسف اتخذنا موقف المفعول به وشجبنا ورفضنا التدخل فى الشأن الداخلى .
أعتقد أن تلك المواقف نخن فى غنى عنها تماما ولكن كان لابد للعمل لسد الطريق على تلك المحاولات للتدخل فى الشأن المصرى .
وأخيرا مرة أخرى أود أن أؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية لابد وأن تكون على مستويات عديدة حتى يتسنى لنا أن نصل إلى علاقة وطيدة وقوية كما أيضا لا نترك أى مساحة أو فرصة لأى مغرض أو كاره لمصر، أن يستغلها ضد بلادنا الحبيبة مصر.
وأولا وأخيرا تحيا مصر