هل شاهدت الفيلم الهندى "اسمى خان"؟، هل أذهلتك هذه الحالة الإنسانية الراقية العابرة للديانات والأعراق، والتى لا تعرف الكراهية وتوزع المحبة بالمجان على العالم أجمع، هل اعتبرت أن الأمر مجرد دراما لا تحدث فى الواقع؟، دعنى أخبرك غير ذلك، فهذا النموذج للإنسان الذى لا يحمل فى قلبه سوى الرحمة والمحبة والعطاء موجود بالفعل وبالصدفة هو رجل هندى أيضًا، طبيب يدعى موفازال لاكدويلا، أدرك أن الإنسانية لا تعرف حدود والرحمة لا تقتصر على ديانة أو عرق، والمحبة والعطاء كذلك، فكلهم "فطرة" خلقها الله وحفظها فى قلوب عباده، فمنهم من بدلها بخبيث الفعل ومنهم من وزعها على البشر وفقًا لإمكانياته.
لو أردت معرفة إنسانية هذا الرجل تأمل حكاية "إيمان"، المصرية صاحبة الـ36 عامًا، التى توصف بأنها اسمن امرأة فى العالم، والدكتور موفازال لاكدويلا الطبيب الهندى الذى قرر التبرع لعلاجها، وبدأت حكاية إيمان التى ولدت بخلل فى الغدد الليمفاوية منذ ولادتها سبب لها السمنة المفرطة، وتفاقم الأمر فى سن العاشرة فلم تستطع الخروج من غرفتها منذ ذلك السن حتى وصلت إلى 36 عامًا وفى كل يوم يمر كان وزنها يزداد لأن هذا الخلل كان يمنع خروج المياه من جسدها فأصبح وزنها 500 كيلو جرام وأصبحت هى حبيسة غرفة واحدة لا تتحرك من على سريرها مدة 26 عامًا عانت خلالها أسرتها أكثر مما عانت هى من خدمة شاقة وعلاج باهظ الثمن وضغط نفسى لا يتحمله بشر، والحقيقة أن لإيمان أخت نموذج فى الصبر وخلق الأمل والتفاؤل، فأختها خاطبت وزارة الصحة المصرية للعلاج وتقاعست الوزارة عن دورها ولم تهتم إلا أن الأخت لم تيأس وظلت تبحث حتى سمعت عن طبيب هندى لعلاج السِّمنة يدعى موفازال، بحثت عنه حتى وصلت لصفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" فخاطبته وأرسلت له التقارير الطبية عن حالة إيمان وطلبت منه المساعدة وأبلغته أنهم أسرة من الإسكندرية فى مصر فقيرة لا تتحمل نفقات العلاج لكنها تبحث عن أمل، فكانت المفاجأة بسرعة رد الطبيب الذى تفهم المأساة التي تعيشها الفتاة وأسرتها الفقيرة، وتحمس لأداء واجبه الإنساني، فرد عليها قائلاً إنه سوف يأتى لزيارتها فى مصر للوقوف على الحالة بنفسه.
لم تصدق الأخت الرد السريع ولا التفهم للحالة لكنها فوجئت بالطبيب يدق باب البيت بعد أن تحمل مصاريف السفر على نفقته فقط لأنها طلبت منه المساعدة، وعندما رأى الطبيب الحالة قرر علاجها لو كلفه الأمر كل ما يملك، ومن الإسكندرية غرد على تويتر مخاطبًا وزير الصحة الهندي ووزيرة الخارجية الهندية، بالتدخل لعلاج إيمان المصرية على نفقة الحكومة الهندية وسرعان ما وصله الرد بحتمية تقديم كل التسهيلات لإنقاذ الفتاة ومنحها فرصة أخرى للحياة.
لم تتوقف مساعى الطبيب عند هذا بل عاد إلى بلاده وفتح باب التبرع أمام الهنود لتغطية نفقات رحلة العلاج باهظة التكاليف، وبالفعل تبرع الشعب الهندى لعلاج إيمان الفتاة المصرية صاحبة الجنسية والديانة المختلفتين عنهم، وقاموا بجمع مليونين و500 ألف روبية من أصل 10 ملايين روبية هو المبلغ المطلوب لعلاج إيمان، التى خرجت من غرفتها للمرة الأولى بعد 26 عامًا من شرفة منزلها بالإسكندرية يوم الجمعه الماضية متجهة إلى مومباى على متن طائرة بضائع مصرية معدة لاستقبالها بعد بناء جناح خاص لحالتها فى أحد المستشفيات بالهند.
غادرت إيمان مصر واتجهت للهند وبدأت رحلت العلاج بنظام غذائى أعده 13 طبيبًا هنديًا لحالتها الخاصة ومن المقرر أن يستمر العلاج 6 أشهر، نأمل من الله أن تعود بعدهم إيمان إلى مصر بحالة طبيعية، وبالطبع هنا لا يسعنا سوى شكر هذا الطبيب الإنسان وحكومة الهند وكل الشعب الهندى الذى قرر مساعدة الفتاة المصرية.