تجول د. محمد عفيفى بين شوارعها وسينماتها ومسارحها بريشة فنان وقلم أديب وذاكرة مؤرخ
تحت هذا العنوان كتب صديقى الجميل د. محمد عفيفى كتابة الذى صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يقول عنه: شبرا هذا الحى العجيب الذى ولدت فيه.. شبرا.. حيث اعتدت أن يصحبنى والدى فى الأعياد «لنعيد» على صديقة عم فرانك جرجس.
شبرا.. حى أبناء المهاجرين من البحر المتوسط والدلتا والصعيد، ليخلقوا عالما جديدا، عالم يسمونة «كوزموبوليت»، متعدد الأجناس والأعراق، متفتح، الثقافة والتعليم سلاح المستقبل فية، عالم أقرب إلى حال مدينة الإسكندرية فى عصرها الزاهر.. شبرا.. الحى الذى كانت تعيش فيه داليدا الإيطالية التى ستصبح بعد ذلك من أشهر المطربات فى العالم. وفى الوقت نفسة تقريبا كان يعيش فى شبرا كبار مشايخ الأزهر، الشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ عبدالوهاب خلاف، والشيخ محمد الخفيف، وكذلك الشاب نظير جيد القادم من الصعيد إلى شبرا الذى سيصبح بعد ذلك البابا شنودة الثالث.. شبرا الحى الذى ولد فيه والدى عام 1934 وتزوج فى عام 1955، وانتقل إلى رحمة الله وهو يقيم فى شبرا 2016، ولا تزال والدتى، أمد الله فى عمرنا، تعيش فى بيتنا هناك حارسة للذكريات الجميلة، نعم شبرا الزمن الجميل الذى يقاوم عبث الحاضر» د. محمد عفيفى أستاذ التاريخ المعاصر يمزج الذكريات بعلم التاريخ فى سياق أقرب للراوية ذات الفصول الاثنتى عشر: «لماذا شبرا؟ النمو العمرانى والتطور الإدارى، شبرا وعالم البحر المتوسط، مدارس شبرا، شبرا تجربة صحفية مثيرة، شبرا حى الفن، تنظيم سرى فى شبرا: جبهة الأحرار الديمقراطيين، أحمد حلمى الصحفى والشارع، الوحدة الوطنية، الحركة السلفية فى شبرا: شهادة صحفية أمريكية، شهادات وصور من شبرا».
يضم الكتاب شهادات: أحمد منعم: الفاترينات تمليك والباعة جامعيون «هنا ممر الراعى الصالح»، إنجى الطوخى: سينما مودرن الأثر المنسى، حازم دياب: جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية، حسام إبراهيم: ساعات الحنين، م. عصام صفى الدين: شبرا الحنان والعمارة، د. لميس جابر: شبرا فى خاطرى، ماجد الراهب: ذكرياتى فى شبرا، د. محمد كامل القليوبى: شبرا الفردوس السينمائى الأول، وشهادات أخرى للدكتور محمد نور فرحات وهالة جلال.
ومن شبرا تحدث كثيرون.. وتجمع بين كثيرين سينما دوللى، د. مرسى سعد الدين ورؤوف عباس، ولكن الأديب نعيم صبرى يتوقف أمام شبرا فى روايتة «يوميات طفل قديم»، ويتذكر نعيم وهو صغير حريق سينما بلازا أثناء حريق القاهرة 26 يناير 1952، قائلا: « قد لا يعرف الكثيرون أن سينما بلازا هى أحد معالم حى شبرا فى وقتها هى موقف سيارات أحمد حلمى الأن، كانت الحفلات الصباحية لسينما بلازا هى الأمل المنتظر، المكافأة على حسن السير والسلوك»، من شبرا خرج هنرى بركات، على الكسار، حسين رياض وأمينة رزق وفاخر فاخر وبعدهم نبيلة عبيد وسعاد نصر، وصولا لخيرى بشارة وفيلم «يوم حلو ويوم مر» وهانى فوزى «بحب السيما» و«فيلم هندى»، وهالة خليل فيلم «أحلى الأوقات» شبرا حى الطرب ومسارح روض الفرج ومنها خرجت المطربة العالمية داليدا ومنها أبرز ملحنى القرن العشرين بليغ حمدى، ويتغنى لها محرم فؤاد ومدحت صالح وشعبان عبدالرحيم، وتخرج شعراء عظام مثل صلاح جاهين وإبراهيم ناجى، ومنها أحمد حلمى الصحفى والمناضل القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919، وصولا إلى ظهور الحركة السلفية فى شبرا!!
250 صفحة من القطع المتوسط اتسعت بما ضاق بها العصر الحالى، شارع الترعة يحتضن شارع شبرا، وصولا لجزيرة بدران وأحمد حلمى وباب الحديد، بريشة فنان وقلم اديب وذاكرة مؤرخ وروح عاشق تجول د. محمد عفيفى بين شوارعها، وسينماتها ومسارحها، ذاكرة خصبة، مزجت العلم بالأدب فى نسق غير مسبوق مابين عبق الحنين محتضنا تاريخ مصر يطل من بين عيون شبرا، نحن أمام جدلية شبرا من حى كوزموبوليت إلى ظهور السلفية، ويبقى الحاضر يطل من بين عيون الماضى.