وأخيرا ظهر التعديل الوزارى الذى يجرى الحديث حوله منذ نحو شهرين تقريبا، وأظن أننا لم نشاهد منذ سنوات ولادة لتعديل وزارى أو تشكيل حكومة جديدة مثلما رأينا هذه المرة، ففى ظل نظام مبارك لم يكن الأمر يستغرق أكثر من أيام معدودة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، كما كنا فى عز ظاهرة «عبده مشتاق» التى تعبر عن هؤلاء الذى يقدمون أنفسهم بالرخيص أملا فى اختيارهم للوزارة.
اختلف الوضع تدريجيا منذ ثورة 25 يناير، فبعد زمن الاشتياق للمنصب فى زمن مبارك، تراجعت الرغبة إليه واللافت أنها طالت المؤهلين بجد، والأسباب يطول شرحها لكنها فى الإجمال تعبر عن أزمة عميقة ومتشابكة، الأصل فيها هو غياب المناخ الذى يساعد على فرز الكوادر وتأهيلها لشغل مناصب وزارية.
أبرز تجسيد لهذا الغياب أننا لا نجد أحزابا تضع فى طموحها الفوز بأغلبية نيابية تؤهلها لتشكيل الحكومة، وبالتالى تعد عدتها للبحث عن الكوادر اللازمة لهذا التحدى، أضف إلى ذلك أن الجهات المعنية بترشيح وزراء لا يوجد أمامها خريطة بأسماء لمعت فى مجالها العملى داخل قطاعات الدولة المختلفة حتى يتم الاختيار من بينها.
أدى ذلك إلى أن يكون البحث عن وزراء محصورا فى مساحات معينة، وأماكن معتادة وكأنه لا يوجد غيرها، بالإضافة إلى اللجوء لأسماء تم تجريبها فى وزارات سابقة ولم تحقق إنجازا ملموسا، ورغم ذلك يتم الإتيان بها من جديد، خذ مثلا الدكتور أحمد زكى بدر الذى كان وزيرا للتربية والتعليم قبل ثورة 25 يناير، ثم أصبح وزيرا للتنمية المحلية فى حكومة شريف إسماعيل.
ويتكرر نفس الأمر مع الدكتور على مصيلحى الذى عاد إلى منصب وزير التموين وكان يشغله قبل ثورة 25 يناير، ويحق لنا أن نتساءل: «ما هو رصيد النجاح الذى يحسب له فى توزيره الأول حتى يتم توزيره مرة ثانية فى نفس المنصب؟».
هناك ملاحظة أخرى تتمثل فى أننا وجدنا وزارات بعينها هى الأعلى فى معدل تغيير وزيرها كوزارات، الزراعة، والتربية والتعليم، والتعليم العالى، والنقل، ووزارات أخرى، فلماذا؟
هل لأن الاختيارات كانت فاشلة؟ وإذا كان كذلك، فمن الذى قام بهذا الترشيح؟
أم أن التغيير يعود لمجرد إشعار المواطن بأن هناك تغييرا ليس أكثر؟