التجار بعد خسائرهم يخططون لتغيير تواريخ الصلاحية للسلع الغذائية وإعادة طرحها من جديد
«وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، سورة البقرة الآية 216.
هذه القاعدة القرآنية العظيمة، تنطبق على ما تشهده مصر حاليًا، فالأزمة الاقتصادية الشديدة التى تمر بها البلاد فى الوقت الحالى، ومحاولة الإصلاح الاقتصادى المحورية التى تقودها الدولة، وما تمثله من أعباء تطحن عظام الغلابة، فإن الوجه الجيد فيها أن أجبرت المصريين على تغيير سلوكهم الاستهلاكى بشكل لافت، ونقلتهم من خانة الاستهلاك العشوائى والإفراط فى شراء السلع، الضرورى منها وغير الضرورى، والتخزين بشكل عشوائى خطير، إلى خانة التقنين وشراء الاحتياجات الملحة فقط.
هذا السلوك الرائع لمعظم المصريين، أجبر خلال الأيام القليلة الماضية، مافيا التجار الجشعين الذين يمارسون كل الأنشطة السيئة لنهب أموال الناس، وتنفيض جيوبهم أولًا بأول دون وازع من ضمير أخلاقى أو وطنى، أن يضربوا كفًا بكف ويعيشون حالة من الحزن الشديد، نتيجة تكبدهم خسائر فادحة، بعد تكدس السلع فى المخازن، وقاربت على التلف، وانتهاء فترة الصلاحية، خاصة المنتجات الغذائية.
هذا الأمر، أصبح يمثل خطرًا، كما وصفه الخبير الاقتصادى إيهاب سمرة، الذى حذر من كارثة انتشار السلع الفاسدة فى الأسواق الأيام المقبلة، بعد تكدسها فى المخازن وانتهاء مدة الصلاحية، ونتيجة تعرض التجار لخسائر فإن هناك معلومات تؤكد أن هؤلاء التجار سيتلاعبون فى تاريخ الصلاحية، وإعادة طرح هذه السلع الفاسدة من جديد فى الأسواق، وهنا مكمن الخطر.
الخبير الاقتصادى إيهاب سمرة، لفت النظر إلى أن انكماش القدرة الشرائية للجنيه المصرى من ناحية، وعزوف الكثير من المواطنين عن الشراء للتخزين والاكتفاء بالشراء للاستهلاك اليومى فقط، من ناحية ثانية، ومع اقتراب إعداد بيانات الإقرارات الضريبية للعام 2016، المحدد لها قبل نهاية مارس الجارى، من ناحية ثالثة، تجبر الأجهزة الرقابية على ضرورة مراقبة الأسواق وجرد المخازن، لمنع تسلل السلع الفاسدة إلى الأسواق.
الخبير الاقتصادى، أشار إلى أن عددًا كبيرًا من التجار والمستوردين هالهم ارتفاع قيمة المخزون لديهم بشدة خلال الأيام الماضية، لدرجة أن إحدى الشركات اعتادت بيع 15 ألف دجاجة شهريًا، انخفضت مبيعاتها إلى 4 آلاف دجاجة فقط فى الشهر، وأن ثلاجاتها الآن ممتلئة عن آخرها بما يفوق 30 ألف دجاجة «مخزنة» ولا تجد من يشتريها، وأن صلاحية الدجاج ستنتهى فى مارس وإبريل المقبلين.
إيهاب سمرة، أكد على حقيقة أن المصريين أحدثوا انقلابًا جوهريًا فى نظام وسلوكيات استهلاكهم، إلى الأفضل، والابتعاد عن العشوائية، موضحًا أنه فى حالة استمرار هذا النمط من الاستهلاك سيأتى بثماره الرائعة خلال فترة وجيزة.
ما طرحه الخبير الاقتصادى، إيهاب سمرة، اتفق مع ما طرحه عدد كبير من خبراء الاقتصاد، فى هذا السياق، وطالبوا جميعًا وزير التموين وجهاز حماية المستهلك والهيئات البيطرية، وجميع الأجهزة الرقابية، بضرورة اليقظة الشديدة وتشديد الرقابة على الأسواق وتحليل عينات من السلع الغذائية أولًا بأول خلال الأيام المقبلة، لمنع مخطط التجار الجشعين بإغراق الأسواق بالسلع الفاسدة، ومنتهية الصلاحية، من خلال التلاعب فى تواريخ مدة الصلاحية، وفى ظل أن التجارب مع معظم تجار مصر، أكدت أن لا هم لهم سوى البحث عن تكوين الثروات على حساب تعريض صحة العباد لمخاطر الموت، وإصابة من تم إنقاذه بثلة من الأمراض الخطيرة.