أختتم ما بدأته أمس حول قصة العلاقة بين مصر وكينيا وذلك على هامش زيارة الرئيس السيسى إليها قبل أيام:
يذكر محمد فائق فى كتابه «عبد الناصر والثورة الأفريقية»، أن مصر جعلت من ثورة «الماوماو» ضد الاحتلال الإنجليزى «أكتوبر 1952»، والإفراج عن قائدها «جومو كينياتا» الذى كان يقضى سبع سنوات سجن مطلبا على مستوى القارة الأفريقية كلها، وأدت هذه الحملة وهذا التأييد إلى توثيق الصلة مع الحركة الوطنية فى كينيا، وكانت القاهرة أول عاصمة تفتح أبوابها للزعماء الكينيين الوطنيين، وتمدهم بكل المساعدات الممكنة لتنشيط حركتهم فى داخل كينيا، وكذلك توصيل صوتهم إلى العالم الخارجى والمحافل الدولية، فى الوقت الذى كان الإنجليز يحرمون أى نشاط سياسى فى كينيا.
يضيف «فائق»، أنه بعد السماح بقيام الأحزاب السياسية فى كينيا، كانت القاهرة أول مكان خارج كينيا تفتح فيه هذه الأحزاب مكاتب دائمة لها، وكانت الأحزاب الكينية التى فتحت لها مكاتب فى القاهرة هى: «حزب الاتحاد الوطنى الأفريقى الكينى، وحزب الاتحاد الديمقراطى الكينى، وكانت هذه المكاتب تعمل كحلقة اتصال بين تنظيماتها فى الداخل وبين القاهرة، كما اعتبرت أيضا نافذة هذه التنظيمات على العالم الخارجى».
يؤكد فائق، أن معظم زعماء كينيا المعروفين من أمثال «أوجنجا أودنجاونجالا، وتوم مبويا، وجيمس جيشور، وجوزيف مورمبى» وغيرهم كثيرون، كانوا يترددون على القاهرة خلال هذه الفترة، وكان جمال عبد الناصر يلتقى بهؤلاء الزعماء، ويذكر «فائق»: «كان تأثير الإذاعة الموجهة باللغة السواحلية التى يتم بثها من القاهرة وبإشراف المخابرات المصرية إلى الشعب الكينى والدول الناطقة بهذه اللغة تأثيرها عظيما داخل كينيا»، ويذكر فائق، أنه فى أول لقاء له مع «كينياتا» بعد خروجه من السجن بأسابيع قليلة، قال إن هذه الإذاعة لعبت دورا خطيرا فى كينيا، وأنه كان يستمع وهو فى سجنه إليها، وكان يستدعى حراسه ليستمعوا معه إلى صوت أفريقيا من القاهرة، وكانت تعطيه فى كل مرة يستمع إليها شحنة معنوية كبيرة كما كان يندهش لدقة الأخبار والسرعة التى تنتقل بها هذه الأخبار.
يوضح فائق، أن هذه أول إذاعة توجهها القاهرة إلى أفريقيا بلغة أهلها، إذا استثنينا الإذاعات التى كان يوجهها راديو القاهرة من قبل إلى السودان باللهجات الأربع الرئيسية هناك.
هذا هو ماضينا المشرق فى كينيا وأفريقيا الذى يجب أن نعمل عليه لأجل مستقبلنا الذى نعمل له.