كان الأمر الأكثر استفزازا فى الانتقادات التى وجهها البعض لزيارة نجم كرة القدم العالمى «ميسى» إلى القاهرة يوم الثلاثاء الماضى هو، فذلكة الحديث حول هذا الحضور اللبنانى فى الزيارة، التى استمرت عدة ساعات فى إطار المشاركة فى الترويج لعلاج فيروس «سى» فى مصر.
من «الفذلكات»: أن الأغانى فى حفل الاستقبال لـ«ميسى» كانت لفيروز، وأغنية واحدة مصرية، والسبب أن الشركة المنظمة للحفل هى لبنانية، هكذا قال موسيقار كبير هو حلمى بكر، والمفارقة أن «بكر» قدم ألحانا لأصوات عربية عديدة منذ «عليا» التونسية فى سبعينيات القرن الماضى، ومع كل لحن لم يتطرق أحد إلى سؤاله مثلا:
لماذا لم يقدم هذا اللحن إلى صوت مصرى؟
ولماذا يضع موهبته الموسيقية فى خدمة مطربين من سوريا وتونس والعراق والخليج ولبنان؟ أم كان من الأولى أن يضعها فى خدمة أصوات مصرية؟».
«فذلكة» الانتقادات على طريقة «بكر» وغيره يضعها البعض فى سياق أوسع وهو ما يمكن تسميته بمحاولة «لبننة مصر فنيا»، وهى «فذلكات «تتجاهل عن قصد، أن عظمة مصر تكمن فى أنها قبلة كل العرب فى الماضى والحاضر، وحين يأتيها أى عربى للعيش فيها فإنه يذوب فى نسيجها تماما ويعطيها لأنه أصبح أحد أولادها، وعلى هذا الأساس كان للشوام دورهم البارز فى إرساء دعائم النهضة الفنية والثقافية الحديثة فى مصر منذ عهد الخديو إسماعيل وحتى الآن.
للأسف نحن نعيش هذه الفذلكات منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى، وبالتحديد بعد توجه السادات إلى الصلح مع إسرائيل وعقده اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، حيث أصبح الكلام لمن هب ودب ليشمل خزعبلات من نوع: «ماذا أخذنا من العرب؟»، ويتم ذلك لأجل هدف كبير هو خلع مصر من ثوبها العربى وتأليبها على كل البلدان العربية، حتى تهنأ إسرائيل بالعيش.
عظمة أغنيات الجميلة العظيمة فيروز فى حضور ميسى يجب أن تكون مصدر فخر وليس مجال نقد، ففيروز «اللبنانية الجنسية» الجميلة، هى فيروز «العربية الهوية والانحياز»، وصوتها العبقرى لم يبخل بالغناء لمصر ولبنان وسوريا وفلسطين والقدس، وغنى لسيد درويش ومحمد عبدالوهاب ورياض السنباطى كما غنى لـ«الأخوين الرحبانى».