أن تقرأ للمبدع الساخر «عاصم حنفى» فهذا يعنى أنك ستقع فى غرام كتابة من نوع خاص، صاحبها هو من قال عنه عمنا الكبير محمود السعدنى: «إذا كانت كل الظروف تؤدى إلى روما، فكل الظروف التى أحاطت بالكاتب عاصم حنفى كانت تؤدى به إلى السخرية من نفسه ومن الناس ومن الزمان».
رأى «السعدنى» قاله فى المقدمة التى كتبها للكتاب الممتع «حواديت السفر»، الصادر ضمن سلسلة «الكتاب الذهبى» عن «روز اليوسف»، ويترأس تحرير السلسلة الكاتب الصحفى المحترم أسامة سلامة الذى يبشرنا بإعادتها إلى أيام مجدها الذهبى، وأسماء مستشارى تحرير السلسة يؤكدون الثقة فى هذه البشرى.
فى «حواديت السفر» وعددها 21 حدوتة، ينقل لنا عاصم ما أدهشه فى كل مدينة عالمية زارها، فى روما وفينسيا والفاتيكان وبروكسل، وفى سويسرا وإسبانيا وبريطانيا، وغيرهم. واندهشات «عاصم» هى ماركة مسجلة باسمه، فلا هو يقدم دليلا سياحيا معتادا عن الأمكنة، ولا سردا تاريخيا عنها، فهذه مهام يقوم مرشدون متخصصون بها، وإنما يحكى قصة عاشها وتفاعل مع أبطالها، وربما يكون هو صانعها، وفى الحكى يقدم المعلومة التاريخية والسياسية والجغرافية والاقتصادية والثقافية، لتحصل فى النهاية على نص تستطيع أن تقرأه فى أزمنة مختلفة دون غربة تاريخية حتى لو تغيرت جغرافيا المدن وحتى لو تغيرت المعلومات، بالطبع هى ستتغير، وتقرأه دون ملل لأن السخرية فيها لا تأتى على حساب الجدية فى التعامل مع المعلومة، نص ينتمى إلى «أدب الرحلات» بنكهة كاتبه.
يعطينا «محمود السعدنى» المفتاح الذى يفك لنا أسرار عالم الكتابة الساخرة عند عاصم حنفى بصفة عامة، وأسرار البهجة فى كتاب «حواديت السفر» بصفة خاصة. يقول عمنا «السعدنى» عن عمنا «عاصم» ولد ونشأ وعاش فى حى من أغرب أحياء القاهرة، ومع أنه لا يوجد فى أسرة عاصم فلاح واحد أمسك بالفأس واستعمل المحراث، فقد فرضت عليه الظروف أن يدرس الزراعة، هو نفسه لم يسأله أحد عن رأيه فى دراسة الزراعة، ولكن مجموعه فى الثانوية العامة هو الذى قاده إلى هناك، وهكذا وجد عاصم حنفى نفسه يحمل شهادة جامعية وعاطلا عن العمل، فلا هو يصلح للخياطة فى دكان الوالد، ولا يصلح للزراعة التى درسها فى الكتب، حظه الحسن أنه من مواليد ثورة يوليو «1952»، عاش فترة الأحلام العريضة والتحديات الكبرى، واتصل ببعض المثقفين وتأثر بهم، ولكنه اكتشف بعد قليل أن الشعارات شىء والواقع شىء آخر».
استمتع بـ«حواديت السفر» لأنك تزور معها «مدن الحواديت»، وتزور صاحبها الجميل عاصم حنفى.