فى الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة المصرية معركة ضارية ضد التكفيرين وداعش فى جبل الحلال، قام الإرهابيون الدواعش 21 فبراير الماضى بقتل ستة من المواطنين المصريين الأقباط فى أسبوعين، وتكون المحصلة لاستهداف الأقباط فى شمال سيناء على الهوية منذ 2012 وحتى الآن 17 شهيدا، إضافة إلى تهجير عشرات الأسر فى سبتمبر 2012، على أثر هجوم ملثمين على محلات وممتلكات الأقباط، وتوزيع منشور تحذيرى يمهل الأقباط فى رفح 48 ساعة للرحيل عنها، ومن ثم تم للأسف تهجير أقباط رفح، تلا ذلك استهداف آباء كهنة ومواطنين فى حوادث متفرقة، من أبرزهم الكاهن مينا عبود فى يوليو 2013 برصاص ملثمين، ومن بعده الأب رافائيل موسى فى يونيو 2016، ومنهم تاجر الأدوات الصحية مجدى لمعى، الذى وجد مذبوحا فى الشيخ زويد، كل هؤلاء أعلنت «ولاية سيناء» الإرهابية مسؤوليتها عن كل تلك الحوادث.
القضية بالطبع لها وجه «طائفى» بلا شك.. ولكنها قضية أمن قومى بالأساس، وسبق للكاتب أن نشر خمسة مقالات منذ أغسطس 2011 وحتى الآن، «ولا حياة لمن تكتب»، لأن الجرائم المتعاقبة من الإرهابيين فى سيناء لن تتوقف، ما لم تحل مشاكل سيناء جذريا، تلك القضية التى نشأت منذ تأسيس محمد على لمحافظة العريش 1810 واندلاع أول صدام سيناوى 1831 ضد سياسة محمد على، التى لم تعترف بحقوق أهل سيناء فى تملك الأراضى، وحتى 1950 اصطدم أهل سيناء بحكم الأسرة العلوية 14 مرة، أى مرة كل 8 سنوات، وفى ثورة يوليو تحمل أهالى سيناء ثلث الخسائر المادية والبشرية، التى تحملها المصريون فى حروبهم مع إسرائيل «1956 - 1967 - 1973»، وبعد انتصار 1973 أجهضت محاولات التنمية بتدخلات أمريكية إسرائيلية بشهادة شارون «هاآرتس 14/5/1998». وفى عصر الرئيس السابق مبارك تجدد الصدام من 2006 حتى 2010، اعتقل خلالها وزير الداخلية السابق حبيب العادلى ما يزيد على 3 آلاف فرد من أبناء سيناء، وبعد ثورة 25 يناير وبحكومات الثورة المتعاقبة لم يختلف الأمر كثيرا، وفى 29/7/2011 قام السلفيون الجهاديون بإعلان انفصال سيناء كإمارة إسلامية بمعركة قسم ثانى العريش، كما قامت هذه التنظيمات بالعديد من العمليات ضد منشآت الدولة حتى الآن، أسفرت عن مئات الضحايا بين شهيد وجريح.
ورغم كل ذلك، لم نتوقف أمام «البيئة الحاضنة» للإرهاب وحل مشكلاتها، ولذلك اقترح على الرئاسة عقد المؤتمر الدولى للشباب القادم للشباب السيناوى فى إحدى مدن سيناء، والبدء فورا فى حوار وطنى حول سيناء، لأننا أمام حرب استنزاف حقيقية من مخابرات دول شتى، من أجل إسقاط سيناء «لا قدر الله» وإسرائيل وقوى الإرهاب الإخوانية يخوضون حربا نفسية ضد الوطن، لا تقل شراسة عن قطع الرؤوس، نحن بصدد لحظة إدراك حقيقى لأن سيناء فى خطر، أشقاؤنا من الجنود والضباط يضحون بحياتهم فى ملحمة شبه يومية، والمتعاونون مع القوات المسلحة والشرطة يذبحون وتعلق رؤوسهم إرهابا للجميع، وبعض وسائل الإعلام تشارك فى البلبلة وإثارة نعرات «طائفية» مضادة مثل اتهام الشباب المصريين الأقباط باتهامات باطلة، رغم أنهم كانوا من أوائل الذين بادروا بإغاثة النازحين من العريش، أو تطاول برنامج آخر على الأنبا ساروفيم أسقف الإسماعيلية لانه فتح حسابا بنكيا للتبرع للنازحين؟!!
نحن بصدد لم الشمل والتعامل بحكمة أمام جزء من الوطن ينزف، نضمد جراحه ونحتويه بدلا من إثارة المشاعر المضادة، حفظ الله مصر ووحدتها، وسيسقط الإرهاب الأسود وسيعود الجميع إلى ديارهم.