الذين ينتقدون قرار مصر الأخير، بشأن توقيع عقوبات دولية من مجلس الأمن على الحكومة السورية، بزعم استخدامها الأسلحة الكيماوية، وصلوا إلى درجة من الانحياز الأعمى وشخصنة المواقف السياسية لا رجوع منها إلى الموضوعية، أو العدالة، أو حتى الموقف الإنسانى العام.
القرار المصرى بالامتناع عن التصويت بتوقيع عقوبات على الحكومة السورية، يستند إلى مجموعة من الأسباب الوجيهة، فى مقدمتها أن القرار المقدم فى مجلس الأمن والحائز على رضا واشنطن وفيتو روسيا والصين يتضمن مجموعة من الاتهامات الجزافية دون أى دليل عليها، كما أن التحقيقات التى تجريها الآلية الدولية المشكلة من مجلس الأمن للنظر فى الاتهامات الموجهة للحكومة السورية لم تنتهِ بعد، كما أن مجلس الأمن نفسه أصدر قرارًا فى نوفمبر الماضى، بتمديد عمل الآلية الدولية عامًا.
أيضًا، لم يكن القرار المصرى بالامتناع عن التصويت فرديًا، بل كان تعبيرًا عن جبهة رفض كبرى لما تضمنه مشروع القرار المقدم من عوار وارتباك وانحياز سياسى صارخ بعيدًا عن العدالة والموضوعية، فضلًا عن الفيتو المشترك الروسى الصينى الذى نسف مشروع القرار، اعترضت بوليفيا رسميًا على المشروع وشاركت إثيوبيا وكازاخستان مصر فى الامتناع عن التصويت.
منتقدو القرار المصرى يتجاهلون عدة حقائق على الأرض، ويقفزون مباشرة إلى اعتبار موقفهم السياسى المفضوح فى سوريا، من ضرورة طرد الأسد من الحكم بالقوة وتجاهل إرادة الشعب السورى، هو المعيار الأخلاقى والسياسى للتعامل مع الأزمة السورية، ثم يقيمون مواقف الدول ومن بينها مصر قياسًا إلى هذا المعيار المغلوط.
أولى الحقائق التى يتجاهلها منتقدو القرار المصرى، أن مصر لم ترضخ فى عز أزماتها، وكذا لم تستجِب للإغراءات حتى تغير موقفها المنحاز لإرادة الشعب السورى وحقه فى تقرير مصيره، وكذا ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى السورية، ورفض تقسيمها إلى دويلات سنّية وشيعية وكردية.
ثانيًا، القرار المصرى رغم أنه لن يغير من مصير مشروع القرار المقدم برعاية أمريكية إلى مجلس الأمن، بعد الفيتو الروسى الصينى المشترك، إلا أنه كاشف وفاضح للأذناب العربية التى تورطت فى مشروع أوباما هيلارى بتفتيت سوريا، وإلحاق الجولان بإسرائيل، ومن هنا تتواتر الانتقادات التى تصور الموقف المصرى، باعتباره دعمًا لتجاوزات بشار الأسد.
ثالثًا، يتجاهل منتقدو القرار المصرى الأسلحة الكيماوية الغربية والإسرائيلية التى تم ضبطها لدى داعش أو لدى عصابات وفصائل المعارضة المدعومة أمريكيًا وخليجيًا وتركيًا، فعلى أى أساس تنطلق تلك الأبواق فى حملتها ضد مصر؟!
صحيح، اللى اختشوا ماتوا!!