رحل الشاعر طاهر البرنبالى، عن عالمنا، بعد معاناة مع المرض، تفاقمت مؤخرًا حتى دخل فى غيبوبة، وحزن المثقفون لفقده ورثاه كل منهم بطريقته الخاصة، لكن جزءًا أساسيًا من إحساس الحزن كان نابعًا من التجاهل الذى تعرض له الشاعر فى فترة مرضه الأخيرة من قبل المؤسسة الثقافية الأكبر فى مصر، وهى وزارة الثقافة.
بدأت الحكاية عندما، علمت، «انفراد»، يوم 27 يناير الماضى، بمرض الشاعر طاهر البرنبالى، وتواجده فى العناية المركزة بمستشفى محمود فى ميدان لبنان، فقمنا على الفور بالتواصل مع الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، وسألناه عما تنتوى الوزارة أن تقدمه للشاعر المريض، وحينها أبدى حلمى النمنم، استعداد الوزارة للمساعدة، وأظهر اهتمامه الشخصى بالشاعر، وعزمه التواصل مع وزير الصحة وطلب صورة ضوئية من البطاقة الشخصية لطاهر البرنبالى، حتى يحصل منها على البيانات اللازمة التى تتم على أساسها المساعدة، وتم إرسال هذه البيانات للوزير، لكن ومن خلال التواصل مع أسرة الشاعر علمنا أنه لم يحدث أى شىء فى هذا الأمر، وأن الوزارة لم تبدِ أى مساعدة ولم يتصل أحد منها لفعل حتى للاطمئنان من أسرته، فقط اتحاد كتاب مصر عرض المساهمة فى تكاليف العلاج وحاول نقل الشاعر إلى مستشفى معهد ناصر، لكن الأطباء رفضوا بسبب خطورة النقل، خاصة أن الشاعر كان فى حاجة ضرورية لزراعة كبد.
بالطبع الأعمار فى يد الله سبحانه وتعالى، لكن وقوفنا فى وجه المرض أمر ضرورى وحتمى، ووقوف المؤسسات مع أفرادها ومساعدتهم أكثر حتمية، خاصة أن الأمر فى حالة طاهر البرنبالى، كان يحتاج وقفة حقيقة، فالرجل سقط فى غيبوبة بسبب «الكبد» ومشاكله، وأعتقد أن الهيئات الكبرى، مثل الوزارات قادرة على حل هذه المشكلات.
لا أعرف لماذا أثار موضوع التجاهل حفيظتى، وأشعرنى بالتوتر والقلق، مع أنها ليست المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك، ربما لأننى شعرت بالفرح عندما تجاوب الوزير فى بداية الأمر، ونقلنا هذا الإحساس إلى أسرته التى بدورها شعرت بقرب الانفراجة، لكن ذلك لم يحدث.
المهم، رحل الشاعر طاهر البرنبالى، فى وقته وحينه، بعد أن وضع خطًا على يافطة وزارة الثقافة، رحل هو وظلت الرؤية القاصرة لمؤسسة الثقافة هى الأكثر وضوحًا فى الحدث، ويظل السؤال المهم جدًا: هل كل مؤسسات مصر تتعامل مع أفرادها بهذا الشكل، أم أن الأمر فى الثقافة «مختلف» ويحتاج إلى إيمان قوى بأهمية الفرد، لأنه هو صانع الثقافة ومطبقها فى الوقت نفسه؟!