أواصل الكتابة عن كتاب «أحمد بهاء الدين.. وروزاليوسف - مقالات لها تاريخ»، دراسة وإعداد رشاد كامل، الصادر ضمن سلسلة «الكتاب الذهبى- روز اليوسف»، ويترأس تحريرها الكاتب الصحفى أسامة سلامة، والكتاب يشمل مقالات كتبها «بهاء»على صفحات مجلتى «روزاليوسف» و«صباح الخير» لأكثر من تسع سنوات:
يرصد رشاد كامل فى مقدمته الرائعة للكتاب، حديث «بهاء» عن نفسه فى أوقات مختلفة، ومناسبات متفرقة، عبر سنوات طويلة من مشواره الصحفى، فنعرف العوامل التى تركت أثرا عميقا فى شخصيته.
كتب عن فقد الأم وقت أن كان هو فى العاشرة من عمره، وهى فوق الثلاثين بقليل، وكان وحيدها بين أخواته البنات، وكأى أم شرقية فى هذا الموقف أفرغت كل حياتها وحنانها على الابن الوحيد: «بكيت ومرضت وحزنت ثم هدأت، وانتهى كل شىء، ولكن الشعور الذى بقى معى من تلك اللحظة هو شعور عميق بالوحدة، وحدة غريبة ألقاها هذا الحادث فى نفسى كالبذرة التى لم تلبث أن أورقت، وأصبحت لها ظلال كثيفة، كبرت وتعلمت وسافرت واشتغلت، وعرفت الأصدقاء والصديقات، ولكننى كنت على الدوام أجد الناس مهما امتزجت منفصلين عنى، قد يملأ الناس كل أركان نفسى، ولكن نقطة ما فى مكان بعيد من هذه النفس تبقى خالية فارغة جوفاء».
كتب عن أول الحب: «كانت أول فتاة أحببتها، بالبنطلون القصير، أميرة من صاحبات السمو، من العائلة المالكة السابقة»، وكتب عن أيامه فى كلية الحقوق جامعة «فؤاد الأول» «جامعة القاهرة»: «لم أكن من الطلبة المشاغبين، ولم أكن من أبطال المظاهرات، كانت اهتماماتى السياسية كلها محصورة فى القراءة والجدل والمناقشة، كانت سذاجتى تصور لى أنه يكفى مجرد العثور على الكلمة الصحيحة والرأى السليم لكى تغير كل شىء، ولكن هناك لحظات يجرف العمل الإيجابى فيها كل شىء، فلابد من الاشتراك فى هذه المظاهرة التى تستعد لها الجامعة من جهة وتستعد لها القوى الحاكمة من جهة أخرى».
وكتب عن وظيفته فى وزارة المعارف العمومية، ثم دخوله عالم الكتابة، حتى كان كتاب «الاستعمار الأمريكى الجديد» الذى ألفه عام 1951، ووفقا لـ«كامل»: «كان محطة فارقة فى مشوار بهاء، ولم يصدق أحد وقتها أن صاحب الكتاب لم يتجاوز عمره وقتها أربعة وعشرين عاما، كان الكتاب شيئا جديدا أو مثيرا وعميقا فى عالم الكتابة السياسية، فالكتاب يناقش مستقبل أمة ووطن ليس بالشعارات الزاعقة لكن بالمنطق والمعلومة الموثقة والإحصائية».. يتبع.