كان السؤال الذى طرحه علىَّ أحد الزملاء: لماذا لم يتم إنشاء مصنع بدلا من مول مصر؟، وأضاف: «ده مشروع استهلاكى مش إنتاجى»، وفوجئت بأن المشروع الكائن فى مدينة 6 أكتوبر، موضوع حملة هجوم ضارية فى فيس بوك، تتراوح بين التشكيك والتسفيه والسخرية، والأهم هو الروح العدائية التى تستهدف إشاعة الإحباط والغضب وانتقاص أى مشروع، ومن ضمن التعليقات مثلا «مفيش أتعس من بطريق سايب القطب الشمالى وجاى يشتغل فى مول مصر».
لم يشغل بالى موضوع المول ولم أهتم به، ولكن القضية الأهم هى «صناعة الكراهية الغضب»، وإثارة روح الحقد بين الناس، فبنفس الأسلوب يتم تسفيه المشروعات الكبرى، مع الاختلاف فى المقارنة، فلماذا، مثلا، ننشئ العاصمة الإدارية، بينما يعانى الناس من الغلاء، ولماذا استنزفنا أمولا طائلة فى إنشاء الطرق والكبارى ولم تخصص لبناء مصانع؟، والإجابة ببساطة أن 90 مليون مصرى يعيشون فوق %8 فقط من مساحة بلادهم، فضاقت بهم المدن والطرق والشوارع، وأمسكت برقابهم أخلاقيات الزحام، فكان ضروريا الانطلاق إلى أرض الله الواسعة، وزيادة المساحة المأهولة وإنشاء مزيد من المدن والطرق قبل أن يحدث الانفجار.
لماذا لم ننشئ مصنعا بدلا من مول مصر؟.. سؤال لا محل له من الإعراب، لأن المستثمر العربى صاحب المشروع، ليس ساذجا ولا يرمى 12 مليار جنيه تكلفته فى البحر، ولكنه يستشرف بوادر نهضة تنموية وسياحية كبيرة فى المستقبل الكبير، فأنشأ مشروعا على غرار ما تفعله دبى، التى أصبحت بمثل هذه المشروعات الخدمية العملاقة من أغنى دول العالم، ومقصد المشاهير الذين يقضون فيها إجازاتهم، وينفقون آلاف الدولارات فى اليوم الواحد.
ترك أهل الشك المشروع الكبير وأمسكوا فى تلابيب البطريق والتزلج على الجليد، والتذكرة التى يتراوح سعرها بين 300 و400 جنيه، وازاى نعمل مشروعات للأغنياء ونترك الفقراء، وتركوا الأسئلة الأهم: ماذا عن الـ14 ألف فرصة عمل التى وفرها لشباب مصريين؟، وماذا عن كارفور الذى يبيع الزيت والسكر والأرز والسلع الغذائية بأسعار تقل %15 عن أسعارها فى السوق؟ وماذا عن الـ 300 مليون جنيه التى أنفقها المشروع لرصف الشوارع الملاصقة؟، وماذا عن عشرات الآلاف من المصريين بمختلف شرائحهم، الذين ازدحموا مع عائلاتهم للاستمتاع بيوم جميل، رغم أنف أشرار فيس بوك؟.