بداية أعتذر عن عدم كتابتى لمقال أمس، نظرًا لسفرى إلى إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية الشقيقة، لحضور افتتاح بينالى الشارقة للفنون بدعوة كريمة من مؤسسة الشارقة للفنون، التى ترأستها الشيخة الفاضلة «حور القاسمى»، لكنى تابعت باهتمام شديد ما أثير بشأن طريقة استخراج بعض التماثيل المصرية القديمة من منطقة آثار المطرية والتى تسببت فى سخط كبير بين الناس، بعدما نشرت، «انفراد»، تصويرًا حيًا لوقائع الحفر، وقد كتبت مقالًا يوم الخميس الماضى، منددًا بتسمية منطقة الآثار المكتشفة باسم «آثار سوق الخميس»، وهى التسمية التى اعتبرتها احتقارًا من وزارة الآثار لآثارها، ثم كانت هذه الواقعة المثيرة للجدل لتسهم فى تسليط الضوء على هذه البقعة الغالية.
الواقعة تتلخص فيما يلى: وزارة الآثار دعت وسائل الإعلام لمشاهدة وقائع حفائر مدينة أون، وحينما ذهب الناس إلى الموقع الأثرى وجدوا أن الوزارة ترفع الآثار باللودر وتنظفها بجردل مياة وقد أثارت هذه المشاهد لغطا كبيرا بين الناس فقالت الوزارة فى بيان رسمى إنها لجأت إلى هذه الطريقة لثقل حجم الآثار المكتشفة والتى يرجح أن تكون للملكين رمسيس الثانى وسيتى الأول كما قالت إنها حرصت على كل إجراءات السلامة للآثار بوضع عروق خشبية و«فلين» عازل لحماية الآثار فهل ما قالته صحيح؟
الإجابة للأسف هى «لا» فمع أحجام التماثيل الكبيرة هذه يجب فعلا استعمال «لودر» لكن ليس قبل أن يصبح التمثال فى وضع مناسب للحمل، وتجهيز التمثال للحمل يجب أن يمر بعدة مراحل، أولها هو وضع التمثال على عروق خشبية كبيرة تسمح بمرور أحبال غليظة تحت التمثال ثم يتم ربط التمثال بهذه الأحبال ليصبح كما لو كان فى سلة كبيرة من الأحبال، ثم بعد ذلك يأتى اللودر ليرفع هذه «السلة، وهذا ليس لحماية التمثال فحسب وإنما لحماية أى أجزاء من الآثار موجودة بجانبة من احتمال تعرضها للتهشم من غرس شوكة اللودر، ثم نأتى بعد ذلك لطريقة تنظيف التمثال من بقايا الطين العالقة به والتى شابها الكثير من العشوائية، فقد كان من المفترض أن يتم تنظيف التمثال بطريقة تتناسب مع قدسية هذه الآثار وعظمة أصحابها، فالتنظيف يجب أن يتم بيد المرممين المتخصصين لا بيد العمال، كما يجب أن يتم بفرشاة وليس بجردل، وبماء «معادل» وليس بماء لا يعلم أحد مصدرها، وذلك ليس حماية للتمثال أيضا فحسب ولكن لحماية بعض أجزائه العالقة بالطين والتى ربما تساعد فى ترميم التمثال، وعلى أية حال فقد أخطأت وزارة الآثار لكنها لم تجرم، ونرجو أن تراعى الوزارة هذه الشروط فى المرات المقبلة.