للأسف أصحاب العقول «الصغيرة» الساكنة أجساد «الفيلة الضخمة» يعتنقون ديانة العجز!
المتقعرون، وأصحاب النضال المزيف، يحاولون دائمًا رسم صورة أسطورية لأنفسهم، للمتاجرة بها فى ميادين «معارك الزيف والخداع»، لجنى ثمار المغانم من شهرة ومال، دون النظر إلى مصلحة الوطن، ولا مصلحة ملايين المواطنين.
هؤلاء المتقعرون، وأصحاب الشعارات، والمتدثرون بعباءة النضال المزيف، إذا بحثت ونقبت بدقة وعناية فى مسيرتهم المهنية، تفاجأ بأنهم مجموعة من الفشلة، لم يحققوا أى نجاح يذكر فى أى مجال من المجالات العملية، ويعتنقون عبادة «العجز»، لذلك يحاولون تعويض هذا الفشل الكبير فى السير عكس اتجاه العقل والمنطق، واهتمامات الناس، من باب «خالف تعرف».
هؤلاء المتقعرون ينتشرون ويتوغلون فى معظم المؤسسات، يتهمون زملاءهم المخالفين لهم فى الرأى بأنهم «أمنجية»، يتجسسون عليهم، وينقلون لأجهزة الأمن أخبارهم وتحركاتهم، ويشيعون ذلك بكل قوة وغلظ عين عجيب.
والمفاجأة أن معظم الذين اتهموا زملاءهم قديمًا بأنهم عملاء ومخبرون ومرشدون للأمن، سواء فى المؤسسات الحكومية الرسمية، أو فى المؤسسات الحزبية والإعلامية، تبين أنهم هم المخبرون الذين يبلغون الأجهزة الأمنية بتحركات زملائهم، ويظهرون أمام الناس فى صورة المناضلين من باب «الدوشة تقنن الأوضاع».
ومن المعلوم بالضرورة أن العقول العظيمة تتحدث دائمًا عن الأفكار الخلاقة والمبدعة، والعقول العادية تتحدث بشأن الأحداث والتعاطى معها بقوة، أما العقول الصغيرة، القاطنة فى الأجساد الضخمة الشبيهة بالفيلة، فإنها تتحدث عن الناس فقط، وتكرس كل اهتمامها للخوض فى سيرة الشرفاء والناجحين، حقدًا وغيرة وكراهية.
وخلال السنوات السبع الماضية، وتحديدًا منذ ثورة 25 يناير 2011، ذاع صيت مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر»، وغيرهما من المواقع بين المصريين تحديدًا، وحدث انقلاب فى مفاهيم البحث عن المعلومة بكل يسر وسهولة، وسكن هذه المواقع كل الجماعات والحركات والتنظيمات الإرهابية والفوضوية، بجانب النشطاء السياسيين، والنخب، وكل مهتم بالشأن العام، أو الجالسين على مقاعد المسؤولية.
وأصبحت صفحات هؤلاء متاحة أمام الأجهزة الأمنية، ينهلون منها بمعلومات عن أدق التفاصيل للناشط أو الثورى أو المنتمى لجماعة وتنظيم وحركة، وتكتسب هذه المعلومات من الأهمية والدقة للأجهزة الأمنية، كون أن الشخص نفسه هو الذى سطرها على صفحته.
ورغم أن هذا الناشط الخائن، والثورى المتآمر، والتكفيرى الإخوانى أو الداعشى، أو السلفى، والإعلامى الفاشل، يكتبون كل شىء على صفحاتهم، لدرجة أن بعضهم ينقل مباشرة «لايف» صوتًا وصورة لحظة دخوله الحمام لمتابعيه، إلا أنك تجده يخرج على الناس بكل جهل وتخلف وغلظ عين، ليوزع اتهاماته على الناس بأن «فلان» عميل، «وعلان» مخبر ومرشد للأجهزة الأمنية، ينقلون عنه أخباره وتحركاته، متناسيًا- لقصر شديد فى الإدراك، وجهل عصامى «مكون نفسه بنفسه»- أنه هو المخبر المحنك، يبلغ بنفسه عن نفسه.
نعم، الأجهزة الأمنية لا تحتاج لمخبرين أو مرشدين ليتجسسوا على زملائهم فى أى مكان، زماننا هذا، وإذا كان يحدث ذلك من قبل اندلاع ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعى على الهواء مباشرة، فإن المتوافر للأجهزة من معلومات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» يفوق خيال رجال الأمن أنفسهم، ومن ثم ليسوا فى احتياج نهائيًا لمخبرين أو مرشدين.
إذًا، ما يردده أصحاب العقول الصغيرة الساكنة فى الأجساد الضخمة «الفيلة»، عن أن هناك مخبرين تراقبهم، مجرد خرافة وخزعبلات، لأنه ببساطة هؤلاء يكتبون أدق التفاصيل عن حياتهم اليومية، وتوجهاتهم السياسية، ويلعنون خصومهم، سواء فى المهنة، أو فى النضال السياسى المزيف، أو فى ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، على صفحاتهم «فيس بوك» و«تويتر»، ومن ثم فإن مواقع التواصل الاجتماعى دمرت من الأصل شغلانة «المخبرين والمرشدين الأمنيين»!
يا أصحاب العقول «الصغيرة» الساكنة فى أجساد «الفيلة الضخمة»، لكم الحق فى اعتناق ديانة العجز، ولكن ليس من حقكم أن تبشروا وتروجوا لهذه الديانة، وتلصقوا «عفوناتكم» على ملابس الناجحين الشرفاء.