قضيت ستة أيام فى سنغافورة بدعوة شخصية للمشاركة فى النسخة الأولى لمهرجان «اصنع المستقبل»، الجهة التى وجهت لى الدعوة هى شركة «شل مصر»، وحسب الدعوة التى سلمتها لى الأستاذة شيرين نهاد مدير العلاقات الخارجية بالشركة، فإن المهرجان وضع لنفسه هدفا وهو «الاحتفال بالأفكار والحلول النيرة التى تتناول موضوع تحديات الطاقة العالمية».
الأمر على هذا النحو كان يعنى أننا سنشاهد أفكارا مبتكرة لمواجهة تحديات نقص الطاقة، وهى المشكلة التى تؤرق العالم كله، فمع تزايد الاستهلاك العالمى لها فى ظل ثبات إنتاجها سيكون الأمر كارثيا لو بقيت الأوضاع على ما هى عليه، وهذا التحدى يشغل دوائر صنع القرار فى العالم المتقدم، وشركة «شل» باعتبارها واحدة من كبريات الشركات التى تعمل فى مجال الطاقة هى الأكثر انشغالا بذلك حسب تأكيد معتز درويش نائب رئيس «شل مصر»، ومن الدلائل القوية على ذلك أنها تنظم منذ عام 1939 «مارثون شل» البيئى، حيث يتم تنظيم سباق للسيارات يتنافس المشاركون فيه على أساس توفير الطاقة، بمعنى قطع مسافة أطول بأقل استهلاك من الطاقة، وشاركت «شل» بفكرة «المارثون» هذا العام فى المهرجان، مع 20 دولة منها دول السعودية وقطر ومصر، وقدمت هذه الدول 124 فريقا هم فى الأصل طلاب جامعات.
كان لمصر 7 فرق من كليات الهندسة بجامعات القاهرة وعين شمس وحلوان والإسكندرية والألمانية، وشاركت هذه الفرق بسيارات صممها وكونها الطلاب من الألف إلى الياء، ومعرفة الخطوات التى قطعها هؤلاء الطلاب للوصول إلى ابتكارهم ستؤدى حتما إلى أسئلة: «أين تذهب هذه المواهب بعد تخرجها؟ وما مصير الابتكارات التى تأتى من عصارة مواهبهم؟
زادت قيمة هذه الأسئلة حين عرفنا أن هناك طالبا مصريا فى فريق جامعة الفيصل بالسعودية، وآخر فى فريق جامعة تكساس بقطر، وفرضت نفسها حين ظهرت نتائج السباق فى اليوم الأخير، وحقق فيها فريق جامعة عين شمس الفوز بأفضل تصميم سيارة آمنة فى الماراثون، ولما صعد الفريق لاستلام الجائزة وسط تصفيق حار من مئات المشاركين، تجدد السؤال: «كيف سيكون مصير هؤلاء فى المستقبل؟ وإذا كانت مصر لديها هذه المواهب فلماذا يضيع معظمها فيما بعد فى زحام الحياة؟»
فتحت هذه الأسئلة المجال لأسئلة أخرى، ونحن نشاهد كيف تتعامل حكومة سنغافورة مع المهرجان، وكان هذا شاهدا على كيف حققت سنغافورة تقدمها؟.. نتابع غدا.