تخيل إنك صرصار من سلالة الحشرات !! تخاف الناس من شكلك المقزز، لا تستطع التعبير عما تشعر به، تنام فى أقذر الاماكن..او تخيل إنك فيل من سلالة الحيوانات، يقودك الآخرين كيفما شاءوا، يقتربون منك لتسلية أطفالهم فقط، وتحيا بدون عقل.. أو زهرة من النباتات، كلما زاد جمالها تم قتلها.. أو سرير كباقى الجماد خالى من المشاعر، لا يتحرك لا يلعب لا يأكل لا يمارس الجنس..
هل كنت ستحيا سعيدا ؟
رجاء عزيزى القارئ لا تستعجل فى استكمال قراءة هذا المقال بل خذ وقتك فى تخيل ما سبق أولا إلى أن تعود لى مرة أخرى لتجاوب على سؤالى الذى اعلم إنك سترفض الاختيارات السابقة جميعها وبكل ثقة ستقول (أريد أن أظل إنسان طبعاً).. إذن أنت سعيد لكونك إنسان، رائع..
تعمق معى فى السؤال التالي:
لماذا نريد أن نظل بشر وقد نسلك مسلك الحيوانات أو الحشرات أو النباتات أو الجماد ؟
اقترب لى عزيزى القارئ بأحاسيسك وعقلك واذهب معى للاستمتاع بقصة صديقه اليهودى..
(حمل أحلامه التى أرهقت أحاسيسه وهو فى مقتبل حياته. جلس ورفع عينيه للسماء، لم يستطع البكاء، ولم تعد لديه كلمات يطلقها لهواء الليل. ذابت كلماته مع طاقته التى كادت أن تستنفذ من تقلبات الجو. احتضن ضعفه ونام، فاستيقظ على دعوة الحاكم لزيارته..
دخل باستعداداته النفسية والشكلية والفكرية على الحاكم المسلم الديانة، فقد قام بالدراسة الوافية لبروتوكول مقابلة الحكام..
رحب به ثم دعاه ليدنوا من مجلسه ليقدم الحاكم لهذا الانسان صديقه اليهودى.. اندهش الانسان بداخله ولكن وجهه ولسانه التزما برفض الاندهاش. مع مرور الدقائق التى حملت له خبرات اكبر من عمره، خرج ومعه بذهنه جملة واحده من الحاكم: "الإنسانية الحقيقية لا تعرقلها الديانة أو الجنس أو العمر أو المناصب أو قلة الحيلة ")..
عزيزى القارئ: اسمح لعلم النفس فى هذا المقال أن يتأرجح قليلاً ما بين الحقيقة وما تظنه أنفسنا انه حقيقة.. ولذا فادعوك لتكرار الجمل التالية:
لا تحدثنى عن حبك للعدل، بل دعنى أراه فى شخصيتك مع من يظلم غيرك قبل من يظلمك.. لا تطالب العالم بالسلام وانت تزرع الجفاء فى الوجدان.. لا تصف لى حنان أحضانك، بل ضمنى لأتذوق هذا الحنان.. لا تنتقد عيوبي، بل دعنى أحب مميزاتك.. لا تقيد عصفور وتنتظر منه الطيران، أن كسرنا الخواطر، فكيف لخاطرنا الجبران ؟! لا تعمم الأخطاء على البشر، وتطلب من خالقك عدم آخذك بذنب الآخرين.. اى أنه " لا تحدثنى عن تعاليم ديانتك، بل دعنى أراها فى تصرفاتك".. فالمرأة التى تحب زوجها تتبع تعليماته لها، وهكذا الحال للابن الذى يحب ابيه أو الأخ الذى يحب أخيه، اذن فليكن هذا الحال بالنسبة للإنسان الذى يحب انسانيته، فليتبع تعليماتها.. فان كانت انسانيتك تدعوك للتعارف فلتتعرف، وان كانت تدعوك لتقبل الاخر المختلف عنك فلتتقبل.. وان أردت الوصول لقمة الرقى فى انسانيتك فتذكر (من أحب عائلته، حافظ على اسمها وسمعتها بأخلاقه وتصرفاته، وهكذا الحال لمن أحب وطنه أو ابناءه أو زوجته...الخ، اذن فهذا الحال لمن أحب انسانيته أو ديانته فليحافظ على سمعتها بتصرفاته..