نتعثر يوميا فى مئات الأخبار والتقارير الصحفية التى ما أنزل الله بها من سلطان والتى تصيبنا بالاكتئاب والحسرة والشعور بخيبة الأمل على ما وصلنا إليه من حال على كل المستويات الثقافية والأخلاقية والدينية والاقتصادية والصناعية والصحية، ولعل خير دليل على ذلك هو التحقيق الذى نشرته الزميلة المجتهدة والمتميزة منى ضياء فى جريدة "انفراد" منذ أيام والذى بذلت فيه جهدا مميزا ونشر بعنوان "بالصور.. صنايعية فانوس رمضان يواجهون خطر الاندثار.. الدولار يهدد الصناعة وورش الصاج.. الحرفيون يواجهون ارتفاع أسعار الخامات المستوردة بتقليل الكميات.. خبراء: حماية الصناعة يتطلب تدخل الحكومة لخفض مستلزمات الإنتاج"
بمجرد قراءة العنوان خطر ببالى سؤال بديهى وهو ما علاقة فوانيس رمضان بأزمة الدولار ثم تدفقت الأفكار إلى ذهنى كالآتى :
(يانهار أسود) نحن وبسبب (وكستنا الكبيرة) نستورد فوانيس رمضان ونصنع جزءا.
(يانهار أسود) حتى الجزء الذى نقوم بتصنيعه نستورد مواده الخام من الخارج
(يانهار أسود) المواد الخام المطلوبة لصنع الفوانيس هى قطع أخشاب وحديد وبلاستيك وشمع ولمبات صغيرة الحجم وصاج ولحام والزجاج
(يانهار أسود) نحن نستورد هذه الخامات حقا
.. وهنا لا يمكن التعبير عن الأمر إلا بكلمة واحدة وهى (يانهار أسود) .. هل حقا نقوم باستيراد هذه المواد لتصنيع الفوانيس ؟!
الاندهاش لا يتوقف عند ذلك، بل عندما تتذكر أن فوانيس رمضان هى صناعة مصرية خالصة يكاد يكون لمصر براءة اختراع فى معرفة العالم بها، حيث انتشرت فى عهد الدولة الفاطمية وكانت تستخدم لإنارة الشوارع فى ليالى رمضان، ثم تطورت وارتبطت بالشهر الكريم، فلماذا توقفنا عن صناعتها ولماذا نستوردها من الصين وغيرها وما المعقد فى تصنيع الفوانيس يجعلنا نستسهل الاستيراد وكيف نقبل على أنفسنا استيراد المواد البلاستيكية والحديد والأخشاب لنقوم بتصنيع الفوانيس.
كلها أسئلة تتطلب أن يعيد القائمين على الصناعة والاستثمار فى مصر من وزارة الصناعة والغرف الصناعية ورجال الأعمال أن ينظروا للأمر جيدا علهم ينقذون ما تبقى إن كان بالفعل متبقى.