انتصار مصرى مدو على الإرهاب ورعاته فى أروقة الأمم المتحدة، يضع نقاطا كثيرة على الحروف حول الاستخدام الوضيع لمبادئ حقوق الإنسان لتسويغ دعم الفصائل والتنظيمات الإرهابيا لوجيستيا ومدها بالأموال والسلاح، وإسباغ الحماية على عناصرها وتوفير الملاذات الآمنة لهم.
القرار المصرى الأخير الذى اعتمده مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة ودعمته أكثر من ثلاثين دولة عربية وغير عربية، تحت عنوان «آثار الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان»، يؤكد على حق الدول فى حماية حقوق الإنسان على أراضيها ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية، وضرورة وقف التمويل والدعم السياسى والعسكرى واللوجيتسى للإرهابيين وامتناع الدول عن توفير ملاذات آمنة لهم أو السماح باستخدام أراضيها أو وسائل التواصل الاجتماعى لديها من قبل الإرهابيين للترويج لأجنداتهم السياسية.
هذا القرار شديد الأهمية يعنى عمليا قطع الشرايين المغذية للجماعات الإرهابية، بتجريم عمليات تسليحها ومدها بالأموال أو توفير المخابئ لها كما تفعل قطر وتركيا وبريطانيا وغيرها من الدول التى تمارس دور المخرج المنفذ فى تحويل الإرهاب إلى وسيلة لتقويض الدول العربية أو التحكم بها أو ابتزازها سياسيا ونهب ثرواتها، كما يعنى بوضوح وقف الخلط القذر بين حقوق الإنسان وحقوق الإرهاب، وإعادة الاعتبار للدولة وحقها المشروع فى حماية مواطنيها وأراضيها وحدودها ومصالحها وثرواتها فى مواجهة العصابات المسلحة وشركات الأمن الدولية ومجموعات المرتزقة المحاربة تحت شعارات كاذبة للجماعات والتنظيمات، ووكلها مجموعات تابعة وتدار بمعرفة الاستخبارات الغربية.
اللافت فى هذا القرار الهام والانتصار المدوى، فضلا عن أنه تعبير واضح عن وجهة النظر المصرية حول مفهوم الإرهاب الشامل وكيفية مواجهته، أنه جاء كاشفا للدول الراعية للإرهاب والراغبة فى استخدام العصابات المسلحة والمرتزقة الدوليين وإسباغ الحماية عليهم، فقد عارضته 15 دولة فى مقدمتها الولايات المتحدة وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا ودول بالاتحاد الأوروبى أعضاء بالمجلس، الأمر الذى يكشف كيف وممن تستمد التنظيمات الإرهابية قدرتها على البقاء والاستمرار، كما يوضح خارطة الطريق أمام العالم إذا كان جادا حقا فى التصدى لظاهرة الإرهاب والتطرف الدينى.
نجاة العالم من شرور الإرهاب متوقفة فى اللحظة الراهنة على تراجع القوى الكبرى ومعظمها غربية عن السعى لتقويض الدول الأخرى باستخدام جماعات الإرهاب، فهل تستجيب الدول الكبرى لهذا التحدى الجوهرى أم تستمر فى إرهاب العالم.