مشكلتنا أننا «بنطلع.. وننزل على مافيش». نبدأ النقاش حول أى مشكلة لساعات، نتوقف لننتقل إلى موضوع آخر، وهو ما يجعل مناقشاتنا مجرد دردشة يسعى كل طرف فيها لإثبات أنه على حق والتانيين على باطل، المهم أن يقدم المعارض أو المؤيد رأيا يفرض صحته ولا يكون مستعدا للاستماع لآراء الآخرين.
لم تكن قضية تذكرة مترو الأنفاق استثناء، ولا أحد يسأل أين ذهبت المناقشات العميقة التى كانت قبل يومين؟ تم رفع التذكرة لكن بقيت المشكلة، والقضية ليست فى مضاعفة سعر التذكرة، لكن هل رفع السعر هذه المرة، ومرة أخرى يوقف خسائر مترو الأنفاق؟
نحن أمام ثغرات للتسرب، تسبب خسائر تقترب من نصف ما تم رفعه فى سعر التذكرة، لعل أبرزها مثلا بوابات إلكترونية معطلة فى كل المحطات، وهو ما يؤدى لتهرب، نسبة يقدرها البعض بـ30%، وتقدرها الهيئة بـ8%. وهو رقم بالملايين إذا حسبناه شهريا.
وفى نفس الوقت تجد عشرات من المراقبين الذين لا يراقبون شيئا فى المحطات، بل يسببون ازدحاما مضاعفا، وفى مقابل بطالة مقنعة يتم التعاقد مع شركات أمن ونظافة، تحصل على ملايين، بينما آلاف بلا عمل حقيقى، أغلبهم تعيينات بالواسطة، أو أقارب وأبناء العاملين وهى أمور يفترض مناقشتها، بحيث يتم توفير عمل حقيقى مع وقف أى تعيينات تحت أى ضغوط. ومن بين المناقشات العبثية هو ما دار حول رواتب السائقين، عندما أراد أحد مسؤولى النقل الإشارة لتضخم رواتب السائقين، متجاهلا أن السائق يعمل 8 ساعات فى مهمة صعبة، فضلا عن خبرته وكونه يعمل بخبرة سنوات، وبالتالى لا يمكن اعتبار رواتب من يعملون هدرا، بل الهدر هو العمالة بلا مهمة حقيقية.
أما قمة الإهدار فهى غياب الاستغلال الأمثل للمحطات والعربات فى الإعلانات، مترو الأنفاق مكان مثالى للإعلانات، ومع هذا نكتشف أن الهيئة بجلالة قدرها باعت حق الإعلانات بـ175 مليون جنيه فى السنة، أى 35 مليون فقط فى الشهر، وهو رقم أقل من واحد على عشرة مما يفترض الحصول عليه حال تم الاستغلال الجيد والتسويق لمساحات إعلانية فى المحطات والعربات وشاشات العرض، والتذاكر إلى آخره. ولا يخلو الأمر من تلاعب، وإذا كنا نتحدث عن خسائر التذاكر، يجب أن نتحدث عن أرقام مهدرة، وخسائر مؤكدة بالتلاعب والتواطؤ، لا يمكن السكوت عليها، لأن الخسائر لن تتوقف فقط برفع ثمن التذكرة، لكن بالاستغلال الحقيقى للفرص والإمكانات، بما يحقق أرباحا وليس خسائر.