إن التدهور الاقتصادى فى بلدان الربيع العبرى، «العربى سابقًا»، هو نتيجة مباشرة للقتال والإرهاب والاضطرابات السياسية المستمرة، والتى جمدت أو دمرت تمامًا قطاعات الصناعة والخدمات واسعة النطاق، وأبعدت أصحاب رؤوس الأموال إلى بلدان أكثر أمنًا. أدت أحداث «الربيع العربى» إلى اعتماد متزايد على الواردات، وإلى ارتفاع فى الأسعار بنسبة 25٪ على الأقل، باستثناء المنتجات المدعومة. بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفعت معدلات البطالة، وخصوصًا فى الدول التى تعتمد على السياحة والاستثمارات الأجنبية، هذا ماكشفه تقرير موقع «ميدل نيوز»، حول التدهور الاقتصادى فى دول الربيع العبرى «العربى سابقًا».
النتيجة المباشرة لكل ذلك هى العوز والفقر. فى مصر، على سبيل المثال، بلغت معدلات الفقر نحو 40٪ من سكان البلاد، وهذا مقابل 25٪ عام 2011 و18٪ عام 2010. أى أن المزيد من سكان البلاد يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وهو ما يعنى أن فقراء مصر فى تزايد منذ انطلاق هوجة يناير فى 25 يناير 2011، أى منذ أكثر من 6 سنوات، ولكن الربيع العربى لم يؤثر فقط على الدول التى جرى فيها، وإنما على دول أخرى أيضًا، وعلى رأسها لبنان، الأردن والعراق. حتى فى دول الخليج حدث تباطؤ فى النموّ الاقتصادى وارتفاع فى النفقات وضغوط على الميزانيات.
المشكلة الرئيسية، هى أن دولًا كثيرة فى العالم العربى، وخصوصًا سوريا، اعتمدت خلال عقود طويلة على قطاعات حساسة أمام الأزمات السياسية والأمنية، مثل قطاعى السياحة والعقارات. ويبدو أن صانعى القرار قد نسوا أن حدثًا أمنيًا واحدًا قد يؤدى إلى إيقاف تدفق السياح والاستثمارات لفترات طويلة.
الظروف الاقتصادية لبعض الدول، من بينها مصر والسودان وسوريا وتونس واليمن أدت إلى تدنى مستويات المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والفقر. كما أن أعمال العنف التى شهدتها بعد الدول فى المنطقة مثل سوريا وليبيا واليمن وفلسطين لم تؤثر فقط على اقتصادياتها، بل أثرت أيضًا على دول مجاورة أخرى مثل مصر والأردن ولبنان وتونس، ولا سيما فى قطاع السياحة.
وفى سوريا، حيث جرت احتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد، فى شهر آذار عام 2011، فقد الاقتصاد فى السنوات الثلاثة الأخيرة نحو نصف الناتج المحلى الإجمالى، ووصل معدل الفقر فى البلاد إلى نحو 75٪، حيث إن أكثر من نصف عدد السكان يعيشون فى «فقر مدقع». ما زالت تعتمد الدولة على قطاعات النفط والزراعة الخاصة بها، ولا يساعد الصراع مع الثوار على تنميتها.
ورغم ذلك، أكد التقرير أن النزاعات كانت لها التأثير الأكبر على الخسائر الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الحرب السورية التى تدخل قريبًا عامها السادس، تقدر خسائرها على إجمالى الناتج المحلى بـ259 مليار دولار منذ 2011.