تنعقد القمة العربية 2017 بالأردن وسط تحديات وانقسامات تذكرنا بقمة 1970 التى تلت الهزيمة العربية الكبرى واشتعال الاقتتال الأردنى الفلسطينى وانكسار كل الأحلام العربية فى التحرر والتنمية والتأثير فى العالم.
القمة العربية الحالية تنعقد مع انهيار نصف الدول العربية، فالعراق يناضل لاستعادة أراضيه من الغزاة الأمريكيين والإيرانيين والأتراك، كما يخوض معركة ضد غلاة السنة والشيعة وأجندة الاقتتال الداخلى، مثلما يقاوم الاستنزاف المستمر لثرواته ومخاطر التقسيم إلى دويلات، وسوريا العروبة تواجه المصير نفسه بعد أن تحولت إلى أنقاض ومازالت الدول الكبرى تستخدمها ميدانا لاستعراض القوى ومحاولة فرض إرادتها ومصالحها، واليمن الذى كان سعيدا يشتعل على أيدى أصحاب السلطة والنفوذ والميليشيات ومنفذى خطط القوى الإقليمية وليبيا التى تنقسم إلى معسكرات متناحرة تتلقى جميعها السلاح والأموال حتى تستمر فى حربها الأهلية، ويستمر نهب النفط الليبى وبيعه فى السوق السوداء بأبخس الأسعار.
المآسى العربية الجديدة أنستنا أو كادت تنسينا مأساة الصومال التى انهارت منذ عشرين عاما أو يزيد ولم تسترد سيادتها ولا أمنها ولا قدرتها على حماية موقعها الاستراتيجى المستخدم من قوى مناوئة للعرب والعروبة، بل إن القضية العربية المركزية وأعنى بها قضية فلسطين تراجعت وتهمشت بصورة غير مسبوقة بسبب الاحتراب الفلسطينى الفلسطينى ونزوع بعض الأطراف الفلسطينية للتواطؤ مع إسرائيل بدعم عربى وأمريكى لتنفيذ مشروع الخيانة الصهيونى بإنشاء الدولة الفلسطينية البديلة فى غزة وشمال سيناء، حتى تتمكن تل أبيب من ابتلاع كامل أراضى الضفة الغربية.
لا نجاح للقمة العربية بالأردن إلا بإزالة الفتور والجفوة بين الدول العربية الكبرى، وخاصة بين القاهرة والرياض وبين الجزائر والرباط وبين القاهرة والخرطوم، وحسم الخلافات الجوهرية حول الملفات السورية والعراقية والليبية، فلا يمكن أن تحقق القمة نجاحا بينما تدعم عواصم عربية ميليشيات الإرهاب والمرتزقة المحاربين فى هذا البلد العربى أو ذاك، ولا يمكن أن تحقق القمة نجاحا، إذا استمرت دول مثل قطر فى العمل على زعزعة الاستقرار فى دول عربية شقيقة.
لذا، على القادة العرب أن يبذلوا جهدا صادقا، لتحقيق الحد الأدنى من الهدف المعلن فى قمة البحر الميت «صيانة الأمن القومى العربى ومكافحة الإرهاب» من خلال منظومة تشمل نواحى اقتصادية وفكرية وثقافية واجتماعية يتوافق عليها قادة الدول العربية ويلتزمون حرفيا بتنفيذها قبل أن يعم البلاء.