العالم الافتراضى انعكاس للعالم الطبيعى، وعلى الإنترنت يمكن أن تقابل كل أنواع البشر، ومواقع وأدوات التواصل فيها الطيب والشرير والأصلى والمزيف والمجرم والبرىء. هناك من يوظفون الأدوات للتسلية أو الثقافة، أو الدردشة، أو النميمة، أو لأهداف نبيلة وحملات تضامن أو تعاطف، ومنهم من يوظفها لأهداف غير شريفة، النصب والكذب والابتزاز، ولكل من هؤلاء زبائنه، هناك من ينشرون بلا عقل أو مساءلة، ومن يفكرون ويناقشون، تحدثنا عن قضايا ومعارك الأزواج والزوجات، والحموات حول حسابات الـ«فيس بوك»، أو الضرب بسبب الأنفريند، والتعذيب بسبب الأكاونت.
لكن الرغبة فى الشّهرة تتلبس البعض، وتؤدى بهم إلى التهلكة، ورأينا عشرات من ضحايا السيلفى فى مصر والعالم، من سقط على جبل ومن انقلبت به السيارة، وهناك أيضا من يشهرون ويعتدون على خصوصية غيرهم وبلا شعور بالذنب، وهناك جنون الشهرة والبحث عن لايكات، الذى يدفع البعض لقتل نفسه أو غيره، مثل الشاب الذى التقط لنفسه سيلفى قبل أعوام مع موتى فى المشرحة، وبدا سعيدا وهو يتلقى الشتائم واللعنات، أو البلاغات. وأحد هواة الشهرة اعتاد أن يلتقط لنفسه عشرات السيلفى مع ضحايا حوادث الطرق، وكان يبدو مستمتعا وهو يتابع الحوادث، وبدلا من أى ينقذ الضحايا فهو يلتقط لنفسه سيلفى مع جثثهم أو معهم وهم فى غيبوبة.
ولا أحد يعرف مصدر اللذة فى أن يلتقط الشخص سيلفى مع مصيبة، وآخر جرائم السيلفى، كانت من شخص يزعم أنه طبيب نساء وولادة، نشر لنفسه سيلفى، وهو فى غرفة عمليات الولادة، بمستشفى شهير عام، مع زملائه أثناء ولادة قيصرية لسيدة، وظهرت المريضة وبطنها مفتوح، ومغامر السيلفى وزملاؤه يبدون سعداء، ومن يفترض أنه طبيب يشرح كيف كانت العملية صعبة وأنهم نجحوا فى تنفيذها، كل هذا مرفقا بسيلفى غرفة العمليات وجراحين بلا ماسكات، فى مشهد يكشف كيف أصبح البعض مستعدا لارتكاب جريمة، من أجل الشهرة، وحتى لا يشعر بالذنب. غالبا الطبيب السيلفى تجرأ واعتدى على حق المريضة والمهنة ظنا أنه سيمر بلاعقاب، ولحسن الحظ أن من استهجنوا ذلك زملاء له مستخدمين، قادوا حملة ضد اعتدائه على الخصوصية، مطالبين بمحاسبة المذكور وربما يكون لدى وزارة الصحة وقت للتحقيق ومحاسبة من اعتدوا على الخصوصية، فى زمن أصبح البعض فيه مستعدا لارتكاب جريمة والاعتداء على الخصوصية، وكشف الأسرار، بحثا عن شهرة أو لايك.