السويس مدينة حرة يحبها الله، لذا وضعها فى اختبار صعب أثبتت من خلاله أنها بلد من نار وأن رجالها نموذج مشرف لما عليه المصريون فى وقت المحن، وبالطبع لم تكن هناك محنة أكبر من نكسة 1967 وما بعدها، وبينما خرج البعض طلبا للسلامة، أدرك آخرون أن الوطن يناديهم ليحموه فلم يتركوه وظلوا مستعدين للتضحية الكاملة، ومن هؤلاء كان الكابتن غزالى، الذى رحل عن عالمنا منذ يومين.
«غنّى يا سمسمية/ لرصاص البندقية / ولكل إيد قوية / حاضنة زنودها المدافع»
السويس والكابتن غزالى وأغنية «غنى يا سمسمية لرصاص البندقية»، كلها حكاية واحدة ممتلئة بالشرف والنضال وحب الوطن والدفاع عنه، ربما يمكن فهم شخصية الكابتن غزالى بشكل جيد عندما نعرف أن زوجته رحلت منذ قرابة 10 أيام، فهو رجل محب لا يعرف كيف يعيش دون الذين يحبهم.
«غنى لكل دارس/ فى الجامعة والمدارس/ لمجد بلاده حارس/ من غدر الصهيونية»
حدثت النكسة وجاء جيش الصهاينة وكان يريد على طريقة المنتصر أن يقهر المدن ويذل أهلها، لكن الفدائيين وأبناء الوطن كانوا له بالمرصاد، أما الكابتن غزالى فتأمل فى منظومة الفدائيين جيدا وأدرك أنهم بحاجة للكلمة المشعة والأغنية المحمسة وعرف جدا أن من يقوم بهذا الدور لا يقل قيمة عمن يحمل البندقية ويطلق الرصاص، ومن هنا انطلقت الفكرة، وقرر أن يفعل هو ذلك.
«غنّى لكل عامل/ فى الريف وفى المعامل/ بيأدى الواجب كامل/ وادّيله ورده هدية»
«بطانية ميرى» كان هو اسم الفرقة التى شكلها الكابتن غزالى بعد النكسة لكنها تحولت بعد ذلك إلى «ولاد الأرض» وسرعان ما صارت كلماته وموسيقاه والسمسمية وفرقته رمز المقاومة والنضال فى مدينة السويس.
«غنّى ودق الجلاجل/ مطرح ضرب القنابل/ راح تطرح السنابل/ ويصبح خيرها ليّا»
يقول الراصدون لتجربة الكابتن غزالى إنه لو لم يكن موجودا لاخترعناه، لأن وجوده ضرورة، فكيف كنا نتخيل مقاومة حقيقية وفدائيين جاءوا ليضحوا بأنفسهم دون أغنيات وطبول حرب وموسيقى تصنع الإطار الخارجى لكل جميل فى هذه المنظومة، خاصة أن الكابتن غزالى وفرقته كانوا يدورون فى القرى والمدن لإثارة الحماس فى الجميع ودعوتهم للمقاومة.
«بينا يلا بينا/ نحرر أراضينا/ وعضم اخواتنا/ نلمه نلمه/ نسنه/ نسنه/ ونعمل منه مدافع/ وندافع»
هو شاعر المقاومة ومؤرخها، فعل ما فعله صديقه الشاعر الكبر عبد الرحمن الأبنودى الذى ما إن اشتعلت المقاومة حتى ولى وجهه شطر مدينة السويس وهناك كان له ديوانه الجميل «وجوه ع الشط».
«ونجيب النصر هدية لمصر/ ونكتب عليه أسامينا».
سيعيش الكابتن غزالى كثيرا، لأن كل المخلصين فى هذه الأرض سيعيشون، حتى لو تجاهلتهم المؤسسات والحكومات.