كان كابتن غزالى من قيادات حركة المقاومة الشعبية فى السويس، منذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وارتبط بثورة 23 يوليو 1952 وقائدها جمال عبدالناصر، ويذكر الكاتب الصحفى الصديق محمد الشافعى فى كتابه «شموس فى سماء الوطن» الذى يقدم فيه رموز المقاومة الشعبية فى مدن القناة: «كان عبدالناصر أنضج ما فى حياتنا وعشنا معه منذ 1952 حتى وفاته «28 سبتمبر 1970» مؤمنين بفلسفته وسياساته وانحيازه للوطن، وجعلنا هذه جزءا من الشعب المصرى الذى دعم الثورة وساندها».
كانت نكسة 5 يونيو 1967 ومرحلة حرب الاستنزاف التى تلتها هى العنوان الأبرز فى حياة «غزالى»: «لم ننكسر بل بدأنا على الفور ندافع عن مصر وعن الجيش لأننا وجدنا فى النكسة مجرد هزيمة فى معركة، ولكنها ليست خسارة لكل الحرب، وبدأنا نتقدم لمساعدة المنسحبين من الجنود، وتقدم الشباب والرجال رافضين للهزيمة، وكنت فى قلب القيادة داخل السويس، ورفعنا شعار حرب الشعب، وابتكرنا العديد من الوسائل الدعائية والإعلامية للتغلغل داخل الناس واستنفار همتهم، وإعادة تجييشهم ليقاوموا الهزيمة وحتى لا يحدث الهلع، وذلكبعد أن عبر شباب السويس القناة على المراكب لإحضار المنسحبين، وكانت أعدادهم كبيرة جدا، وكان منظرهم يدفع الإنسان للانتحار وليس للمقاومة».
يتذكر «غزالى» هذه الأيام القاسية ومحنتها، وقدرة أهل السويس الفريدة على المقاومة ودوره هو فيها: «وعى أهل السويس وخبراتهم كانت من العوامل الهامة للتعامل مع الكارثة، وبدأنا نحرس المدينة ونوزع أنفسنا، ونشكل اللجان للمقاومة الشعبية، ولأن التنظيم السياسى (الاتحاد الاشتراكى) انهار داخل المدينة تولى الناس عنه هذا الدور الخطير، وهو الدفاع والوقوف فى وجه اليهود الذين أصبحوا يوم 7 يونيو على البر الشرقى عند بورتوفيق، وكان علينا أن نقاوم ونمنعهم من العبور إلى الغرب، واستشهد بعض شباب السويس وهم يأتون بالجنود من الضفة الشرقية، حيث سقط شهيدان فى اليوم الأول».
مارست القوات الإسرائيلية استفزازها للناس بأشكال استعراضية مثل الاستحمام فى القناة، وفى المقابل انطلقت الإرادة الوطنية لتتحدى، وتجلت العظمة فى أن هذا الانطلاق خرج رغم شح الإمكانيات فى البداية، يقول غزالى: «بالفعل كانت الأسلحة قليلة والناس غير مدربين، ويحتاج ذلك إلى وقت وتفرغ، فقررنا أن يكون هذا مهمة الزملاء الذين أدوا الخدمة العسكرية».
يتذكر كيف كانت المواجهة مع القوات الإسرائيلية، حين حاولت رفع العلم الإسرائيلى على القناة قبل وقف إطلاق النار، وفيه سيرة عظام من أبناء السويس أفشلوا محاولة إسرائيل: «قام الزملاء مصطفى أبوهاشم، وغريب محمد غريب، ومحمد عبد ربه، بأول عملية فدائية لإفشال هذه العملية، ونجحوا وأسروا بعض جنود العدو، وفرض علينا ذلك تنظيم حراسات ليلية وذلك بالخبرات العفوية، وبدا اليهود ينتشرون على طول القناة ويبنون خطوطا دفاعية، ولم يكن الجيش المصرى وقتها فى ظرف يسمح له بالمقاومة وبدأ اليهود فى إزعاج المدينة بالنابل والمدافع، وكنا متوقعين لهذا فنظمنا فرق الإسعاف والتمريض والحراسة ثم محاولة تدبير السلاح، وأخذ ذلك حوالى عشرين يوما وبدأت الحكومة تساعدنا ثم بدأت عملية التهجير لما يقرب من ثلاثمائة ألف مواطن».
بدأت حرب الاستنزاف وهى الحرب التى خاضها الجيش المصرى ببطولات رائعة، وتعمل إسرائيل كل جهدها لمسحها من الذاكرة التاريخية، وخلالها انطلق كابتن غزالى بفرقة «أولاد الأرض»، فماذا فعلت؟.. نواصل غدا.