إن أكثر الفضائل تصدر من أعمال وتصرفات مصدرها الأساسى هو الفكر المنظم ، فالصدق نظام والكذب فوضى ، والأمانة نظام والخيانة فوضى، والشجاعة نظام والرعب فوضى ، الخ من هذه الصفات والأعمال ، وإلى غير ذلك من الأمثلة العديدة .
فتجد أن إرادة الفرد تتعلق بعمل يبدأ فى خلايا مخه منظماً ويسير فى مسلك منظم ويؤدى إلى عمل منظم ، فهذا هو الخلق الجميل ، وهناك أعمال تصدر عن المخ تكون فى أصلها منظمة ثم تسير فى مسالك الكترونية منظمة سبق أن هيأها فى الأصل قبولنا للجمال ، وهذه الأعمال تكون بالطبع جميلة عند كل الناس ، وهذا طريق ابتكار الأعمال الفنية على سبيل المثال . ففى كلا الأمرين الصادرين عن المخ العمل الفنى والأخلاق الكريمة صفة غالبة وهى "النظام" ، وذلك ما وجدناه فى الجمال وما سنجده فى المعرفة أيضاً. فالنظام فى الواقع هو الصفة الغالبة على كل ما يتصل بالمخ من صفات فسيولوجية أو سيكولوجية .
وبمثل هذا التفسير نستطيع أن نقول أنه ليس من المستحيل أن يكون هناك أصل طبيعي- ولا أن نقول مادى - للحب أو الفن أو حتى الأخلاق . حتى وإن كان من الأخلاق الفاضلة نوعاً غير إيجابيا ، هو الامتناع عن عمل أشياء محببة إلى الانسان تثير فيه السرور ، وأخرى لا تؤذيه ، وأخرى قد يصيبه منها الخير . ويكون هذا الامتناع عما نسميه جملة " المحرمات " دون إرغام أو ضغط أو جزاء واضح أو خوف مرتقب قريب .
بل يكون هذا الامتناع بدافع داخلى نفسى فقط . وعلى ما تقدم ننتهى إلى أن الامتناع عن المحرمات يحسبه الكثيرون عملا غير طبيعياً لأن إرجاعه إلى أصل طبيعى يكاد يكون مستحيلا بل يخيل إلى الباحثين فى هذا المجال أن هذا هو العمل الانسانى الوحيد الذى لا بد من أن ننسبه إلى قوة عليا فوق الانسان ، لا يعرفوها هم (من لا يؤمنوا بوجود الله عز وجل) ونعرفها نحن ( من نؤمن بوجود الله عز وجل ) بالإرادة الإلهية.