لأنه كان حدثًا غير عادى، فكان واجبًا أن يكون رد الفعل على نفس الدرجة من الحدة، وقد لازم التوفيق الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يلقى كلمته أمس الأول، والتى أعلن فيها عن العديد من الإجراءات الضرورية للحفاظ على كيان الدولة المصرية، ومن هذه القرارات فرض حالة الطوارئ وإنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، ليكون لهذا المجلس اليد العليا فى نزع هذه الآفة من حياتنا، فقد أمضينا زمنًا ونحن نقول إننا سنحارب الإرهاب، لكن هذا القول لم يرَ بشائر التحقق إلا مع إطلاق الرئيس لهذا المجلس الذى أتوقع أن يكون عابرًا للوزارات والتعقيدات والروتين، ولقد تساءلت فى مقال منشور فى أول فبراير الماضى، قائلًا: متى سنحارب الإرهاب فعلًا؟ ومتى سنستيقظ من النوم لنحقق أحلامنا التى رأيناها فى المنام؟ وعلى ما يبدو أنه قد آن الأوان الآن.
كانت كلمة الرئيس موفقة وكانت الإجراءات صائبة، لكن غاية ما أتمنى أن يراعى الاهتمام بالمكون الثقافى فى تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، وأن تدرك الدولة أن الثقافة هى رأس حربتها فى تلك المعركة، فالأرض التى لا نزرعها بالحب يزرعونها بالكراهية والعقول التى لا نعمرها بالفن يحشونها بالأحزمة الناسفة، يغيب الفن فيحضر العنف، يغيب الفن فيحضر التطرف، يغيب الفن فيحضر القبح، يغيب الفن فتتشوه العقول، ومن هنا يمكن اعتبار الفن «أمن قومى» يوفر على الدولة مليارات مهدرة، وطاقات معطلة، كما يوفر عليها تكلفة إصلاح ما تهدمه النفوس الخربة التى هانت عليها حياتها وحياتنا، فتحولت إلى فخاخ متفجرة، إن تركتها انفجرت وإن أمسك بها انفجرت وإن أهملتها تكاثرت وتعاظمت واستفحلت وصارت كالسرطان الذى يأكل الخلايا الحية ويشيع فيها الموات.
أتمنى أيضًا أن يراعى التنوع فى اختيار من يمثلون الثقافة فى هذا المجلس، فمن المفترض أن يبتعد الاختيار عن المسؤولين الرسميين لأن المسؤول ببساطة لن يكلف نفسه إلا لما يفعله بالفعل، ولن يرى بالطبع أبعد مما رأى، ولأننا نريد أن نسلك طرقًا جديدة لنصل إلى نتائج جديدة فيجب علينا أن نأتى بعقول طازجة، أو على الأقل بمن له تاريخ فى الإنجاز الثقافى.