أطلت علينا أستاذة الجامعة منى البرنس بفيديو ترقص فيه.. كانت هذه هى الواقعة الأولى فى حدود علم الكثيرين، ولذا كعادة أى واقعة غير معتادة أثارت الجدل .. انقسم الرأى العام كعادته أيضا الى معارض ومؤيد .. وطلب الكثير رأى علم النفس ..
إن علم النفس ليس من المنطقى أن يكون مع أو يكون ضد، لأنه من أساسيات بنائه أنه يحتوى كل السلوكيات، النفوس، الشخصيات والآراء .. ولكن هل من واجب علم النفس أن يحتوى القانون؟ ام انه يكون كشعاع للقوانين التى من الممكن أن تصيب النفوس بالتخبط والشيزوفرنيا وعدم التوافق ؟ هل من قام بوضع القانون لديه المعرفة الحقيقية بطبيعة النفوس التى يتم وضع القوانين لها؟ هل إذا تم وضع القوانين وفقاً للاحتياجات البشرية فسيتم مخالفتها؟ أم الانسجام معها؟ هل يتم وضع القوانين بالشكل المناسب للنفوس البشرية ولكن من يطبقونه هم من يختلط عليهم الأمر؟
ما سبق كانت تساؤلات، لم يتم طرحها والإجابة عليها، ولكن طرحها فقط لمحاولة استيعاب القارئ لما يلى :
بعد المتابعة للواقعة عبر الإعلام بوسائله المختلفة وبعد التعمق أفاد التحليل النفسى ان مبدأ الخلاف هو " أن الرقص ينقص من هيبة واحترام الأستاذ الجامعى " ولذا فلا يمكن ان يرى الطلبة والطالبات من هم قدوة لهم يرقصون.. إذن لماذا للجامعات أن تستضيف الفنانين والفنانات وتقوم بتكريمهم وأحياناً تمنحهم دكتوراة فخرية امام الطلبة والطالبات بداخل الحرم الجامعى وتجهز لهم استقبال ممتاز ؟ والرقص فى حياتهم العامة والخاصة هو نوع من انواع الابداع . ما واقع هذا على النفوس؟ هل يقصد القانون ان يصيب النفوس بالشيزوفرينيا ؟
بالطبع ليس من قصد واضع القانون ان يحدث ذلك .. ومن المؤكد ليس من قصد البرامج التليفزيونية التى قدمت القضية ان تصيب نفس المتلقى بذلك .. ولكن قد لا يخطر بأذهانهم هذه الأبعاد الخطيرة التى قد يستهين بها البعض ولكنها فى واقع الامر تفقد العقاب او الثواب لمصداقيته ..
كيف نعارض سلوك من إنسان ونمجد السلوك ذاته من آخر؟ وان كان الكثير ينظر للوظيفة وليس للإنسان فإذن نحن من نخلق بذلك فى النفوس التفرقة وفقاً للوظيفة وليس المساواة وفقاً لكونه إنسان ..
يبقى أمر هام لا يمكن لعلم النفس تجاهله وهو ( نظام القدوة ).. ان ظل النظام التعليمى يزرع فى نفوس المتعلمين وأولياء امورهم انه لابد من الاقتداء بالمعلم .. فاسمحوا لعلم النفس أن يعترض . لأن من اساسيات الصحة النفسية وبداية هرم السلام النفسى هو ( تقبل الآخر المختلف ) وان أردنا التربية الصحيحة نفسياً فعلينا بلفت انتباه المتعلم على أن لكل إنسان تصرفاته وشخصيته وافكاره المختلفة ، وان البشر حتى وان كانوا المعلمون او الآباء هم ليسوا بملائكة .. على المتعلم ان يدرك الاختلاف جيداً ويدرك طبيعة تقبله وليس تقليده .. فهو يرى الاختلاف ومن ثم يفكر فيما يختار .. فالأديان تتنوع ، الجنس البشرى يتنوع ، الأفكار والسلوكيات تتنوع ..
كما علينا ان ندرب المتعلم على كيفية أخذ الجزء المفيد من الانسان الذى أمامه ، وان من أمامه ان ارتكب سلوك لا يرضيه فهذا ليس معناه رفض الانسان ككل .. ولكن عدم الاقتداء بهذا السلوك فقط .. لانه ان تم الاقتداء بشكل كامل بالقدوة فبذلك سينشأ كل منا نسخة من ابيه وأمه ، فالام التى تعمل راقصة من الضرورى ان يكون كل ابناءها وبناتها فى نفس الوظيفة ، والاب البخيل من الضرورى ان ينشأ كل ابناءه بخلاء..... الخ. او يرفض الابن ابيه او أمه لكون احدهما يسلك سلوك لا يرضيه ؟؟ ما راى سيادتكم ؟
اذن فعلينا تدريب المتعلم على كيفية التعامل السليم مع الاختلاف وواقع وجود السلوكيات والأفكار المختلفة وليس رفض صاحبها ككل .. وتوجيه صاحب الموهبة لاستغلال موهبته بالشكل الصحيح او المفيد ..