للمرة الألف، ليس من الذكاء ونحن نحارب الإرهاب أن نترك إرهابا آخر ينمو فى القلوب المحطمة والنفوس الخاوية والزوايا المظلمة، انتحر إرهابيون وضُبِط آخرون وجارٍ البحث عن البقية، فهل سينتهى التطرف بعد أن نقبض عليهم؟
فى الغالب لن يحدث، لأن التعامل اللاحق مع اكتشاف الجناة يكشف تناقضا فكريًا رهيبا بين ما نريد وما يجب أن يحدث، أشبعناهم لعنًا وتكفيرًا، وتركنا أهاليهم ضحية للعار ومذيعى التوك شو منعدمى الضمير يحاكمونهم دون رحمة، وهذا ما نريد، بينما ما يجب فعله حقًا أن نضمن بكل الطرق ألا يخرج من هذه العائلات انتحاريون آخرون فى المستقبل، وانشغلنا بتحميل التعليم الأزهرى المسؤولية، وملأنا الدنيا صراخا عن تجديد الخطاب الدينى، وهذا أيضا ما نريد، بينما ما يجب أن يحدث فعلا يتطلب هدوءًا أكبر وضجيجا أقل، ولنعترف بأن التعليم العام كذلك يفرز تطرف أكثر جهلًا وإجراما.. «ما نريد» لن يلغى أبدًا «ما يجب» حتى لو ظللنا نصرخ إلى قيام الساعة.