تذكر وأنت فى السيارة تستمع لفيروز فى طريقك إلى العين السخنة أو الساحل الشمالى، أن هناك طفلة اسمها «منة» لا تسمع جيدًا بسبب الهواء المحمل بالأتربة وعوادم السيارات، لأن فقر عائلتها لا يترك لها فرصة اختيار السكن، فسكنوا جميعًا فى عشة وجهها للأسفلت، وظهرها للمجهول.. تذكر وأنت تملأ سيارتك بالبنزين أن ما ستدفعه ثمنًا للوقود يكفى لشراء كرسى متحرك لـ«منة» التى يمنعها عجز فى قدميها من الذهاب إلى الحمام فيضطرون لحملها، لأنهم لا يستطيعون شراء الكرسى المتحرك، فجعلوا لها كرسيًا خشبيًا متهالكًا أقرب إلى النعش.. تذكر أيضًا وأنت تتجول بعينيك فى كافيتريا الطريق بحثًا عن الكرواسون الطازج والقهوة الساخنة أن «منة» ليست «حولاء» لا سمح الله، لكن كيسًا دهنيًا سخيفًا فى محيط رأسها هو ما يجعل عيناها لا تستقران. تأكد ألا أحد يحقد عليك أو يحاسبك على كيفية إنفاق أموالك، أو يستكثر عليك شيئًا من نعم الله، نحن فقط نذكرك بأننا لم نصل بعد لمرحلة «اليوتوبيا» التى تعزل الناس عن بعضهم، مازلنا نثق أن هناك قلوبًا رحيمة ونفوسًا مليئة بالخير.