تظل سيناء حكاية عظيمة فى تاريخ مصر، شهدت كثيرًا من الأحداث الجسام، كما أنها قطعة غالية من أرضها، مثلت على مر الزمان مطمعًا للغزاة الذين يعرفون قدرها وقدرتها وموقعها الاستراتيجى، الذى يفتن الجميع، وعليه فإنها تحتاج منا الكثير.
واليوم تمر ذكرى انسحاب آخر جندى إسرائيلى من سيناء فى 25 إبريل 1982، وهو أمر يستحق الاحتفال حقًا، ويستحق الإشادة بالجندى المصرى الذى سال دمه دافئًا على هذه الأرض الطيبة المباركة، من أجل تحريرها.
لكن علينا أن نعترف هذا العام بأن هناك شيئًا ما ينقص الاحتفال، ويسبب غصة فى أرواحنا جميعًا، وذلك بسبب العمليات الإرهابية التى تكررت مؤخرًا فى سيناء، وبسبب ما حدث لأهلنا فى العريش، ولإخواننا المسيحيين من تهجير وغير ذلك.. هذا الإحساس الذى يبدو سلبيًا، يمكن أن يتحول لطاقة من التغيير التى تسعى لفعل شىء ذى قيمة لهذه الأرض.
نعرف جميعًا أنه بعد هزيمة 1967 تغير حال المجتمع المصرى، فى البداية أصابه الحزن، لكنه لم يستسلم لذلك، بل سمح للغضب أن يتولى الأمر، وفى زمن قياسى، بحسابات العالم، لم يتجاوز الـ 6 سنوات، كان جيش مصر العظيم قد حقق انتصارًا كبيرًا على جيش الاحتلال الإسرائيلى، محطمًا خط بارليف المنيع، ومسجلًا عددًا لا يحصى من البطولات الفردية والجماعية لأبناء الشعب المصرى، الذى أصبح أمثولة نفخر بها دائمًا، وهذا ما نحتاج إليه الآن.
نعم لا فارق بين الإرهاب والاحتلال، كلاهما جاء ليقضى على الأمن، ويأخذ ما ليس حقًا له، ويشرد الناس، ويبث الرعب فى قلوبهم، لذا هى معركة كبرى، وليست ردود أفعال أو حركات جانبية يقوم بها الجيش أو الشرطة، وبالتالى هى معركة كبرى لا بديل عنها، لذا على المسؤولين أن يضعوا خططًا مكتملة الرؤية فى محاربة العدو «الإرهاب»، هذه الخطط تكون محددة زمنيًا، حتى يتم القضاء التام والانتصار الكامل فى أرض سيناء، التى شهدت من قبل الكثير من هذه الحروب والانتصارات المصرية العظيمة.
ثم تأتى الخطوة الأعظم، وذلك بعد الانتهاء من العمليات العسكرية، والتى يجب أن تكون فى أسرع وقت، وهى مرحلة العمل الحقيقى والصعب، بالاستفادة من كل شبر فى أرض سيناء، ورصد وتنفيذ المشروعات الكبرى والاستثمارات المهمة، ورفع همة الناس للعمل فى سيناء والعيش فيها، فلا يزدهر مكان فى هذه الدنيا من غير أن يكون عامرًا بالناس، وسيناء مساحة كبيرة، ومسؤولية تحويلها لمنطقة جاذبة للسكان المفروض أن تكون الهم الأكبر للحكومة، وعليها ألا تتأخر فى التفكير فى ذلك، والبدء فى وضع استراتيجية حقيقية لتنفيذها.